188 يوماً، ودولة لبنان «الكبير» بلا رئيس، والرئيس نبيه برّي يؤكّد: «أننا سننتخب رئيساً للجمهورية في غضون 36 ساعة إذا ما اتفق الموارنة فيما بينهم».
ونحن أيضاً قلنا لهم غير مرّة من قبل: «لماذا تعتبون على الآخرين وتنسون أنفسكم». ولعلّ الرئيس برّي حين أطلق إشارة التفاؤل حيال الإستحقاق الرئاسي الماروني قد استوحاها من المناخ الخارجي وفُرَص التقارب السعودي – الإيراني الذي يظل أدنى من التقارب الماروني – الماروني وأقلَّ تصلّباً.
هؤلاء الموارنة الذين تقاتلوا بالحراب ويتقاتلون بالكراسي على الكرسي بحجّة أنهم أقوياء بالتمثيل الشعبي، فإنهم عندما ينتصب بينهم السيف، يكونون أضعف الضعفاء، ويصبحون هم المشكلة بدل أن يكون بهم الحلّ.
هذا إذا ما استثنينا مستوى التمثيل العقلي في سدّة الرئاسة التي باتت تنفر من الذين يلعبون بلغة النار وتتشوّق الى من يتقنون لغة القاموس.
إنَّ هناك شعوراً متنامياً في خاطرة التمثيل الشعبي الماروني، بات يتوق الى خروج المرشحين الأقوياء من الحلبة الرومانية التي كان القيصر يلقي الأجسام المسيحية فيها الى أشداق الأسود، وبات العقل الماروني الواعي يفضل ألف مرة أن تبقى كرسي الرئاسة شاغرة، على أن تظل الساحة المارونية عرضة لقرقعة المعارك وخيبة الإستحقاقات، والمبارزة المستمرة بالصلبان المعقوفة.
ولأنّ النفوس مسكونة بالمعارك الذاتية كانت الدعوة الى مبارزة ثنائية بورجوازية بالسيوف من فارس الى فارس في مجلس النواب، هكذا بعد تبادل القذف بالقفازات أو على الطريقة الأميركية في أفلام رعيان البقر.
رجاء أيها الأشراف، إنّ الفرصة تاريخية حاسمة، وقد تطير معها الكرسي من أيديكم الى الأبد، وإن في التاريخ لحظة قد تبني مجداً وتنقذ شعباً وترفع قباباً فوق ركام، وهناك لحظة على غرار ما شهدنا من قبل، قد تهدم شامخاً وتدحرج رؤوساً وتقوّض عروشاً وتقتلع شعباً وتقضي على مصر.
رجاءً إذاً، أخرجوا من الحلبة وحسبنا أن نتحمل الصراع الماروني – الماروني على الأرض، حتى لا ينتقل الى صراع بين الأرض والأرض، وبين الأرض والقصر، وإذا ما حُرِم الموارنة من الكفاءات الرئاسية العالية والتمثيل الشعبي العظيم، فإنّ لهم إسوة بالملِكَيْنِ جورج الأول وجورج الثاني اللّذين حكما إنكلترا ولم يكونا يحسنان اللغة الإنكليزية.