هل يمكن أن يكون انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان لبنانياً؟
هذا السؤال مطروح في جميع الأوساط السياسية، إذ جرت العادة أن يكون لهذا الاستحقاق ارتباط بالخارج وذلك منذ الاستقلال (العام 1943).. أجل! كان هذا الاستحقاق خارجياً أي يأتي بقرار، أو حتى بتأثير من الخارج: مصر وأميركا وروسيا والسعودية (…) ثم انتقل مع مجيء الرئيس حافظ الاسد، في العام 1970، الى سوريا حيث استطاع الاسد أن يحصر القرار بالنسبة الى هذا الاستحقاق، باتفاق بينه وبين الأميركيين، وبموافقة سعودية طبعاً.. وكانت مصر قد تنازلت عن دورها بعد رحيل الزعيم جمال عبد الناصر، خصوصاً بعد اتفاقيتي كامب دايفيد..
هذا هو واقع الحال بالنسبة لهذا الاستحقاق، ولكن مرة واحدة حصل خرق يوم اتفق الزعماء المسيحيون الثلاثة المغفور لهم الرئيس كميل شمعون، ورئيس حزب الكتائب الرئيس بيار الجميل وعميد الكتلة الوطنية ريمون ادة.. يومها اتفق الزعماء الثلاثة على ترشيح المغفور له الرئيس سليمان فرنجية. والسؤال هنا: لماذا اختاروا الرئيس سليمان فرنجية خصوصاً أن كلاً من أولئك الزعماء كانت له الأفضلية بأن يكون مرشحاً رئاسياً وازناً.. ولكن في حسبة بين بعضهم اختاروا الرئيس فرنجية لأنه الوحيد الذي يستطيع أن يفوز.. وهكذا فاز الرئيس سليمان فرنجية بصوت واحد هو صوت النائب فؤاد غصن (النتيجة كانت 50 مقابل 49) من أصل 99 نائباً مجموع عدد أعضاء المجلس النيابي آنذاك.
وهنا كانت حسبة الزعماء الثلاثة أن النائب فؤاد غصن لا يمكن أن يخرج عن إرادة الرئيس فرنجية.. وهذا ما حصل فعلاً.
وهكذا حصل الاستحقاق لبنانياً ومن دون اي تدخل خارجي.
لذلك نسأل: لماذا لا يعيد التاريخ نفسه فنجعل هذا الاستحقاق لبنانياً خصوصاً أن الظروف الحالية اليوم مشابهة الى حد كبير استحقاق العام 1970؟!
فالزعماء المسيحيون، أي الجنرال ميشال عون الذي يملك أكبر كتلة نيابية بين المسيحيين والدكتور سمير جعجع الذي يعتبر من أكبر الزعماء المسيحيين، وباتفاق الزعيمين يمكن أن نقول ان الأكثرية المسيحية اليوم هي مع الجنرال ميشال عون، لذلك نسأل أنفسنا: هل نجعل هذا الاستحقاق لبنانياً ولو لمرة ثانية؟
من ناحية ثانية لا بد من أن نتذكر أن الرئيس نبيه بري كان يقول ويردد عند كل جلسة لانتخاب رئيس أنه على المسيحيين أن يتفقوا في ما بينهم وعندها سننتخب الرئيس الذي يتفقون عليه.. ونحن نعلم أن الرئيس بري يقول هذا الكلام من واقع حرصه على موقع رئيس الجمهورية وهو الذي يدرك معنى الفراغ خصوصاً وأنه يعاني من اقفال المجلس ويحاول جاهداً لاختراع طاولة حوار، واختراع آخر على الرغم من أنه غير دستوري وهو تشريع الضرورة لأن الأمور المالية لا تتحمل والبلد سيصبح في خطر كبير.