Site icon IMLebanon

الأبعاد التاريخية والإنسانية  للقاء البابا فرنسيس والشيخ محمد بن زايد

بحسب المعتاد والمتعارَف عليه، فإنَّ دولة الفاتيكان حين تستعد لاستقبال ضيف كبير، فإنَّها تضع على مكتب البابا ملفاً يتضمن تعريفاً بالضيف وبدولته وبالمكانة التي يتمتّع بها على مستوى بلاده وعلى مستوى العالم.

حين كانت الفاتيكان تستعد لاستقبال الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، كان على مكتب البابا ملف عن دولة الإمارات وعن ولي العهد الشيخ محمد بن زايد. قرأ البابا بتمعُّن أنَّ الإمارات تحتضن أربعين كنيسة، وأنَّ عدد المسيحيين المقيمين والعاملين فيها يتجاوز النصف مليون مسيحي، وأنَّ الإمارات تحتضن نحو مئتي جنسية.

***

العلاقة بين الفاتيكان وبين دولة الإمارات العربية المتحدة ترسَّخت منذ نحو عشرة أعوام أي منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والفاتيكان، وزيارة الشيخ محمد هي الأولى لقائد عربي مسلم إلى الفاتيكان منذ إنشاء هذه العلاقة وتبادل السفراء.

***

وليس من باب المصادفة أنَّ الشيخ محمد أهدى إلى البابا كتاباً يوثِّق الإكتشافات الأثرية في جزيرة صير بني ياس، التي أسسها الراحل الكبير الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيَّب الله ثراه، كمحمية طبيعية عام 1977، ومن بينها إحدى أقدم الكنائس في التاريخ.؟

ويتضمن الكتاب معلومات قيِّمة عن أبرز الإكتشافات الأثرية التي وجدت في الجزيرة، ومن أهمها العثور على معالم لكنيسة تاريخية ودير للرهبان، يعودان لفترة القرن السابع والثامن للميلاد.

وأهدى ولي عهد أبوظبي البابا ايضاً سجادة السلام، وهي نتاج مشروع أُم الإمارات الشيخة فاطمة بنت مبارك لإنتاج السجاد وتطوير الريف الأفغاني، والذي يهدف لدعم وتشجيع المرأة الإفغانية في الإنخراط في العمل والإنتاج وتوفير فرص عمل تتناسب مع المجتمع الأفغاني ويحقق لهن الحياة الكريمة.

كما ليس من باب المصادفة أنَّ البابا قدَّم من جانبه لولي عهد أبوظبي ميدالية ترمز للسلام، لِما للشيخ محمد بن زايد من دور في غاية الرقيّ للحث على السلام، مشيداً بالجهود التي تبذلها دولة الإمارات في نشر التسامح والحوار والتعايش بين مختلف الشعوب والأديان.

ومن المؤشرات إلى التعايش، تدشين المبنى الجديد لكنيسة القديس اندراوس، منذ شهور، والذي حظي بدعم مباشر من ولي العهد القائد المنفتح الشيخ محمد بن زايد.

لكلِّ هذه الأسباب مجتمعة، فإنَّ اللقاء بين البابا والشيخ محمد تجاوز الوقت المحدد له بكثير إلى درجة أذهلت المراقبين والمتابعين، حيث أنَّ البابا فرنسيس استمع باهتمام كلي إلى ما طرحه ولي عهد الإمارات العربية المتحدة، كما بدا مهتماً جداً بسعة اطلاعه وثقافته العربية والدولية.

ولم يقتصر الإهتمام الفاتيكاني على هذا اللقاء، بل أضيف إليه لقاء بين الشيخ محمد وبين أمين سر الفاتيكان الذي هو بمثابة وزير الخارجية لعاصمة الكثلكة في العالم.

***

ما أعطى هذه الزيارة بُعدَها التاريخي أنَّ الإمارات تحارب ثقافة الكراهية وثقافة التمييز، وهذا ما جعلها تسمِّي وزيراً للتسامح، وهي تستثمر في التسامح لإدراكها أنَّ الكراهية مكلفة وتدمر الأوطان.