IMLebanon

التاريخ قبل السياسية.. «الملالي» إلى الزوال (1-2)

      

عبر أسبوعين، استميحكم العذر «قرائي الكرام» في كتابة مـقـالتي هذه على تسلسل (مقالتين)، هذا اليوم والإثنين المقبل، أحدهما يؤصل للآخر تاريخياً وسياسياً، وقراءة لما يحدث في المنطقة وتحديداً ما آلت إليه الأمور من تعدٍّ صارخ للآلة العسكرية الإيرانية الباغية على الملاحة الدولية بشكل مباشر، واستهداف المدنيين في المدن الحدودية بطريق غير مباشر وعبر الوكيل المعتمد لإيران في المنطقة وأذنابها وخونة العرب من حولنا.

 

 

على مدى الأزمان، عُرف أن الفرس كانوا وراء كل دعوة سوء تصيب دائرة العرب، أو أخرى تدعو للانشقاق وتفكيك الأمة العربية وتفتيتهم تحت أي دعوة وأي مسمى وعرق وطائفة ومذهب، ولعل بلاغة ودقة وصف من اكتوى بنارهم الحاكم الأموي نصر بن سيار، الذي «أرّخ» منذ أول دولة إسلامية بعد الخلفاء الراشدين أخرجت «العراق من ظلمة استعباد الفرس إلى نور الإسلام» لماهية «الفرس» ومن هم قائلاً: «قوم يدينون ديناً ما سمعت به عن الرسول ولا جاءت به الكتب، وإن يكن سائلي عن أصـل دينهم: هو أن تقتل العـرب».

 

التاريخ رصد وعبر أحد عشر قرناً من الزمان كيف عامل «الفرس» ذلاً واستعباداً ومهانة جيرانهم العراقيين، تحت أي حضارة وديانة.. آرمن، آشوريين، حتى كادوا يقضون عليهم إنساناً وحضارة.

 

فبلاد الرافدين منذ أن عُرف تاريخياً وديموغرافياً بـ «الحقبة الظُلمة» الممتدة لأكثر من ستة قرون قبل الميلاد، ووصولاً إلى حقبة «الصحوة والنهوض» منذ القرن الأول الميلادي إلى القرن السابع، الذي واكب ظهور الإسلام واتساع رقعته في بلاد الرافدين، لم تعرف الحضارات والديانات المتعاقبة منذ سقوط «بابل» آخر عاصمة عراقية في القرن السادس قبل الميلاد في يد الفرس، وحتى استعادة شيء من هيبتهم إلا مع بزوغ شمس الإسلام، حيث عاد معه العراقيون مرة أخرى إلى قيادة «النهضة الحضارية العالمية» وإعادة إحياء «بابل» تحت اسم «بغداد».

 

وطالما كان الحديث عن التاريخ، فلنذهب للخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قاهر «الفرس» وهازم عرش كِسرى الذي كتب له تاريخ العظماء «البدء بتحرير العراق» من عبودية كسرى في زمنه الراشد، بعد أن كان عبد الله بن حذافة سفير الرسول- عليه صلوات ربي وسلامه- لكسرى قد لقي من «عنت وصلف» المجوس وحقدهم ما فتح به الله على يد سعد بن أبي وقاص حين «انتفض» عرب العراق مؤيدين ومناصرين لجيش الإسلام ومقاتلين في صفوفه.

 

الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص، ابن خالة رسول الله خامس السابقين للإسلام، قاتل إلى جانب الرسول في غير موقعة، كتب إلى «رستم ملك كسرى» يعرض عليه الإسلام أو الصلح بقوله: «إسلامكم أحب إلينا من غنائمكم، وقتالكم أحب إلينا من صلحكم»، فأجاب رستم بكل حقد وغباء قائلاً: «أنتم كالذباب إذا نظر إلى العسل يقول من يوصلني إليه بدرهمين، فإذا نشب فيه قال: من يخرجني منه بأربعة. وأنت طامع وطمعك سيردك»، ولم يدرك المجوس إلا وقد بلغهم من علم السيف ما لم يبلغه الكلام.

 

اليوم يتضاعف الحقد على العرب، ويأبى المجوسي إلا أن يحقق مراده بالسيطرة على كل بلدان العرب واحتلالها، وذلك بتفكيك وتفتيت وتشتيت وحدة العرب عبر «الخونة» من بني «الجِلدة» و«الظهر» قبل غيرهم، حقد قاد لإذلال العراق وإهانة سورية واستعباد زبانيته في اليمن ولبنان (الحوثي وحزب الله).

 

ولأن «المجوس» اليوم أكثر عدائية للأمتين العربية والإسلامية فلا يمكنها أن تُخفي «العداء» و«العدوان» المباشر في ثوب حوثي لئيم أثيم، وغير المباشر في طقم خونة لم ولن يفلتوا من يد العدالة في المملكة العربية السعودية طال الزمن أو قصر.

 

بعد هذه اللمحة التاريخية لصور «إذلال» المجوس للعراق كانت «عِزة الإسلام» رافداً لأهلها الذين توحدوا تحت راية واحدة تعلوها «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وقمعوا المجوس وطردوهم..

 

سأحدثكم الأسبوع القادم بحول الله تعالى عن البعد السياسي لهذا الامتداد التاريخي وصولاً إلى تعمد الاعتداءات الصارخة التي تتحدى الشرعية الأممية قبل أن يصل العالم إلى طريق «اللاعودة» في قبول هذا الجسم السرطاني الخبيث جاثماً على أمن وأمان وسلامة أغلى وأهم بقاع الأرض «حرمة» و«قدراً» و«مكانة» ليس عند العرب والمسلمين فقط، بل وعند العدو الباغي قبل الصديق الصدوق البعيد الواعي.