علّق الرئيس اليهودي نفسه لمركز الأبحاث النيويوركي”، الذي يركّز على قضايا الشرق الأوسط ولا سيما الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، على موقفي الايجابي من أوباما، قال: “ما تقوله صحيح. الجمهوريون لعبوا دوراً سلبياً جداً. أرادوا منعه من تحقيق أي إنجاز. لكنه حقّق أكثر من واحد وهذا ما أغاظهم ويستمر في إغاظتهم. وسيذكره تاريخ أميركا على أنه من أحسن رؤسائها. هو مثقّف وصاحب شخصية قوية ويتخذ قراراً وغير متردِّد كما يصفه البعض. موقفه السلبي من موضوع سوريا أي عدم ضربه الأسد كان من أجل جلبه الى طاولة المفاوضات فالتسوية السياسية. وعدم وجود سياسة عنده خاصة بسوريا أو بالمنطقة هو نتيجة قرار اتخذه وله حيثياته. فهو لم يقل أنه يرفض التدخل. كان عليه أن يشرح أسباب موقفه ويطرح البدائل من عدم التدخل. لكن لم يفعل ذلك. ولم يكن متردِّداً أيضاً. ربما في الموضوع الفلسطيني كان Dishonest غير أمين”. سألتُ: ماذا عن مستقبل الفلسطينيين؟ أجاب: ” دعني أقول لك إن حل الدولتين لن يُقرَّر ولن يطبّق في الظروف الحالية للمنطقة ولاسرائيل ولأميركا. وربما فات أوانه. في وضع كهذا على الفلسطينيين أذا أرادوا حل الدولتين أن يقترحوا حلاً (مبادرة) Credible معقولاً وجديراً بالثقة وذا صدقية ويعرضوه على الاسرائيليين والعالم كله، عندها لا بد أن يكون له أو لها أثر مدوّ ومهم وإيجابي. والحل ليس التهديد بإقفال السلطة الوطنية الفلسطينية أو بحلِّها. فذلك لا يُخيف أحداً. بل هو بإقفالها نهائياً أي بحلّها وبالقول علانية وأمام العالم كله لإسرائيل: “نريد أن نصبح رعايا دولة إسرائيل أو بالأحرى مواطنين فيها”. وهذا أمر يهدِّد يهودية هذه الدولة في مستقبل غير بعيد. وفي حال كهذه ستعود حكومة إسرائيل بضغط من الرأي العام داخلها الى حل الدولتين في صورة جدية. إلى ذلك فإن أميركا من دون إسرائيل لا تستطيع أن تستمر. وأميركا لا تستطيع أن تقبل تعرّض الإسرائيليين مستقبلاً وفي حال قيام “الدولة الواحدة” أي بعد سنوات وإن طويلة إلى ما يعرِّضون له هم الفلسطينيين اليوم. الاسرائيليون ليسوا معتادين على اللجوء والمخيمات. هل يتحملون ذلك؟ لا أعتقد”. سألتُ: هل أثرت هذا الموضوع مع الفلسطينيين؟ أجاب: “أثرته أولاً مرات عدة مع محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية. لكنه لم يُبد تجاوباً. وكنت أثرته مع الرئيس الراحل ياسر عرفات في حضور أركانه. فغضب هؤلاء وطلبوا منه أن يطردني، وشككوا في مواقفي بعدما كانوا يعتبرونني صديقاً لهم. فأوقفهم عرفات قائلاً: “أنا أثق به. وهو صديق لي ولقضيتنا؟” لكن طبعاً هناك شباب فلسطيني في الأراضي الفلسطينية وفي الشتات بدأ يؤمن بأن هذه الطريق هي الوحيدة للحصول على دولة”.
ماذا في جعبة مسؤول أول في أعرق مركز أبحاث أميركي على الإطلاق بل في أفضل مركز أبحاث في العالم؟
سألني في بداية اللقاء: “ماذا عن لبنان؟” أجبت: عاش لبنان حرباً استمرت 15 سنة في وقت كانت المنطقة بكل دولها مستقرة. الآن المنطقة ملتهبة فكيف تكون حاله؟ أعتقد أن دولة لبنان في طريقها لأن تصبح فاشلة: لا رئيس جمهورية وحكومة مشلولة ومجلس نواب مقفل ومؤسسات في معظمها تقاسمتها الطوائف والمذاهب وطغى عليها الفساد. لا اعتقد أن هناك حلاً لمشكلات لبنان من دون حل الأزمة – الحرب السورية. يُقال لنا دائماً: أشكروا ربَّكم لأن الحرب لم تنتقل إلى بلادكم حتى الآن، ينسون أننا عشناها 15 سنة. وينسون أننا كل يوم معرضون للانحدار الى حرب طائفية ومذهبية لأن عواملها متوافرة. لكن ما يمنعها حتى الآن رفض إيران و”حزب الله” حرباً في لبنان لأسباب عدة تعرفها منها “التورّط” في سوريا ورفض غالبية السنّة في لبنان الحرب وعدم امتلاك أصحاب الرؤوس الحامية منهم إمكانات خوضها. علماً أن هناك عاملين قد يدفعان، تبعاً لتغيّر الوضع الاقليمي، الوضع اللبناني الى الحرب هما التنظيمات المتشددة داخل مخيمات فلسطينيي لبنان واللاجئون السوريون على أرضه. سأل: “ما رأي اللبنانيين والمنطقة في أوباما؟”. أجبت: هناك خيبة أمل منه وخصوصاً منذ بداية “الربيع السوري”، وصار ثابتاً أنه لم يضع خطة واستراتيجيا سورية أو إقليمية. ولم يسع، اذا كان لا يريد إرسال جيش بري الى المنطقة، الى الضغط على حلفائه العرب وغير العرب (السنّة) للضغط على فصائل المعارضة وتوحيدها. وكان ذلك ممكناً قبل ولادة “داعش” وأمثاله.
بماذا علّق؟