هذه دراسة تستعرض باختصار أبرز محطّات الحروب في الصراع العربي الصهيوني.
ارتكبت العصابات الصهيونية منذ العام 1947 عشرات المذابح بحق أصحاب الأرض الشرعيين العرب الفلسطينيين لدفعهم إلى مغادرة وطنهم، وتالياً العمل على تهيئة الظروف لجذب مزيد من المهاجرين من يهود العالم إلى فلسطين.
وقد طردت العصابات الصهيونية بفعل ارتكاب المذابح (850) ألف فلسطيني كانوا يُمثلون آنذاك (61) في المئة من مجموع الشعب الفلسطيني البالغ مليون وأربعمئة ألف فلسطيني.
حرب فلسطين (15 -5- 1948 إلى كانون الثاني 1949) نشبت تلك الحرب عقب إعلان قيام إسرائيل، حيث قامت قوات من خمس دول عربية هي مصر وسوريا والأردن ولبنان والعراق بدخول الأراضي الفلسطينية لمنع قيام إسرائيل، بالإضافة لما كان يعرف بجيش الإنقاذ العربي، وأيضاً آلاف المتطوعين من البلاد العربية والإسلامية.
مذبحة 1955 (28-2-1955) اجتازت القوات الإسرائيلية خط الهدنة ونسفت محطة المياه وزرعت الألغام وهاجمت مواقع الجيش المصري مما أسفر عن وقوع شهداء وجرحى. وكانت هذه هي الشرارة التي فجّرت انتفاضة آذار 1955 (أو هبّة آذار)، وهي سلسلة مظاهرات واحتجاجات بدأت في 1-3-1955 في قطاع غزة رفضاً لمشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء.
العدوان الثلاثي على مصر أو «أزمة السويس» (29-10-1956إلى 7-11-1956): شنّته إسرائيل وإنجلترا وفرنسا على مصر بسبب القرار الذي اتخذه الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس.
معركة السموع ( 13-11- 1966) دخلت قوة من اللواء المدرع الإسرائيلي السابع الحدود الأردنية واتجهت إلى قرية السموع متذرعة بوجود قواعد للمقاومة الفلسطينية فيها، واشتبكت مع الجيش الأردني، وأدّت المقاومة العنيفة إلى تراجع القوات المعتدية بعد خمس ساعات.
حرب 5 حزيران (5-6-1967 إلى 10-6-1967)، يدعوها الإسرائيليون «حرب الأيام الستة»، وفي وسائل الإعلام العربية يُطلق عليها «النكسة»، دارت بين مصر والكيان الصهيوني.
معركة الكرامة (21-3-1968) دارت بين الجيش الأردني والفدائيين الفلسطينيين ضد الجيش الإسرائيلي، وبعد انقضاء 15 ساعة اضطر الإسرائيليين للانسحاب.
حرب أكتوبر (7-10-1973 إلى 25-10-1973) أو «حرب العاشر من رمضان» كما تُعرف في مصر، أو «حرب تشرين التحريرية» كما تُعرف في سوريا، أو «حرب يوم الغفران» كما تُعرف في إسرائيل، وقد دارت بين مصر وسوريا من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى.
حرب جنوب لبنان، احتلت إسرائيل جنوب لبنان وأنشئت الشريط الحدودي في 11-3-1978. وفي عام 1982 دخلت إسرائيل إلى بيروت ثم انسحبت، وبقيت في الجنوب حتى عام 2000. لكنها اضطرت للانسحاب في 25-5-2000 من معظم هذه الأراضي تحت ضغط هجمات المقاومة اللبنانية. ويجدر بالذكر حصول تصعيد في الحدود الجنوبية في لبنان بين الحين والآخر، يتخلله قصف متبادل لمزارع شبعا المحتلة من طرف حزب الله، وللقرى الحدودية اللبنانية الجنوبية من طرف إسرائيل.
انتفاضة الحجارة (9-12-1987 – 1991)، سمّيت بهذا الاسم لأن الحجارة كانت أداة الهجوم والدفاع التي استخدمها المقاومون ضد عناصر الجيش الإسرائيلي، كما عُرف الصغار من رماة الحجارة بـ«أطفال الحجارة». ويعود سبب الانتفاضة قيام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمّال الفلسطينيّين على حاجز «إريز». هدأت الانتفاضة في العام 1991، وتوقفت نهائياً مع توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
انتفاضة الأقصى (28-9-2000 إلى 8-5-2005) وكانت سبب اندلاعها دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون إلى باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه.
حرب تموز (12-7-2006 إلى 14-8-2006) دارت بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي إثر قيام حزب الله بعملية تدعى «الوعد الصادق» عندما قامت عناصره باختطاف جنديين إسرائيليين على الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة.
حرب غزة الأولى (27-12- 2008 إلى 18-1-2009) أو «معركة الفرقان»، حدثت بعد حصار دام أكثر من ستة أشهر، أتبعها الجيش الإسرائيلي بشنّ هجوم وحشي على قطاع غزة بحجة تدمير حركة حماس ضمن عملية «الرصاص المصبوب».
مسيرة العودة (15-5-2011) كان يُفترض الانطلاق بمسيرات سلمية في الذكرى 63 للنكبة من 30 نقطة تنتشر على طول حدود الدول المحيطة بفلسطين وهيَ الأردن وسوريا ولبنان ومصر. وخرجت مسيرات احتجاجية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ونشبت مواجهات بين الأمن الإسرائيلي والمُتظاهرين.
حرب غزة الثانية (14-11-2012 إلى 21-11-2012) استمر فيها القصف الإسرائيلي الجوي الكثيف على قطاع غزة لمدة أسبوع ضمن عملية «عامود السحاب»، وكثفت المقاومة الفلسطينية هجماتها الصاروخية على المدن والبلدات الإسرائيلية، في عملية أطلق عليها اسم «حجارة سجيل».
حرب غزة الثالثة (7-7-2014 إلى 26-8-2014) والتي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي عملية «الجرف الصامد»، وردت كتائب عز الدين القسام بمعركة «العصف المأكول»، وردت حركة الجهاد الإسلامي بعملية «البنيان المرصوص».
انتفاضة القدس، وكذلك سُميت «انتفاضة السكاكين» (1-10-2015 إلى 2016)، تميزت بقيام فلسطينيين بعمليات طعن متكررة لعسكريين ومستوطنين إسرائيليين، وكذلك قيام إسرائيليين يهود بطعن فلسطينيين وإعدامات ميدانية لهم، مع تنفيذ ضربات جوية على قطاع غزة الذي انطلقت منه صواريخ نحو إسرائيل.
يوم الأرض، في الذكرى السنوية الثانية والأربعين ليوم الأرض الفلسطيني (30-3-2018)، تحركت مسيرات في العديد من المناطق في فلسطين وأخرى مناصرة لها، تصدى الجيش الإسرائيلي لها وفتحَ النار على مظاهرة كانت تجري على حدود قطاع غزة.
اشتباكات غزة-إسرائيل (11-11-2018) اندلعت على إثر عملية سرية إسرائيلية نُفّذت في منطقة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
اشتباكات غزة-إسرائيل (3-5-2019 إلى 6-5-2019)، تخلّل التصعيد العسكري قصفاً متبادلاً بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
معركة صيحة الفجر (12-11-2019 إلى 14-11-2019) اغتالت فيها إسرائيل أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي وأتبعتها بهجمات جوية، وردت الحركة بإطلاق الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.
معركة سيف القدس ( 10-5-2021 إلى 21-5-2021) أو «هبّة الكرامة» أو «اشتباكات مايو»، وسمّتها إسرائيل «حارس الأسوار»، اندلعت بعد استيلاء مستوطنين على بيوت مقدسيين في حي الشيخ جراح، وكذلك اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى.
معركة الفجر الصادق (5-8-2022 إلى 7-8-2022) اغتالت فيها إسرائيل تيسير الجعبري أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي وأتبعتها بهجمات جوية، وردت الحركة بعملية سمتها «وحدة الساحات» بإطلاق الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.
طوفان الأقصى (7-7-2023) شنّتها المقاومة الفلسطينية على إسرائيل، وشملت هجوماً برياً وبحرياً وجوياً وتسللاً للمقاومين إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة. وردت إسرائيل بإعلان حالة الحرب وأطلقت عملية «السيوف الحديدية»، وبدأت بقصف مدفعي وجوي وبحري مكثف على قطاع غزة، تبعها اقتحام بري تدميري همجي، ردّت عليه المقاومة ببسالة.
وقد اتسعت رقعة القتال الضاري إلى جنوب لبنان حيث اشتبك حزب الله مع الجيش الإسرائيلي، كما أطلق الحوثيون صواريخ من اليمن على الكيان المحتل.
خلاصة نستنتجها من هذه الدراسة الموجزة:
1) حرب أكتوبر 1973 كانت آخر حرب تخوضها الجيوش العربية مع الكيان الغاصب، دخل بعدها العالم العربي في اتفاقيات سلام واعتراف بالكيان الغاصب، واتفاقيات اعتراف وتطبيع وتعاون وتنسيق علنية ومستترة، وتوقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
2) بعد حرب أكتوبر 1973 بدأ الصراع العسكري يقع حصراً بين تنظيمات عقائدية لديها أجنحة عسكرية، وبين الجيش الإسرائيلي المصنّف الرابع بين جيوش منطقة الشرق الأوسط.
3) المعارك التي خاضتها التنظيمات اللبنانية والفلسطينية كبّدت العدو خسائر بشرية ومادية تفوق بأضعاف ما تكبده في معاركه مع جيوش الأنظمة العربية.
4) يتبيّن بسهولة أن غزة تحمل راية النضال، وهي التي تتحمل أفدح الأثمان.
5) يتضح أن «طوفان الأقصى» هي أقسى وأذلّ حربٍ يخوضها العدو، ناهيك أنها أطول معركة زمنياً في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي بعد حرب فلسطين 1948-1949، وقد بلغت حتى تاريخ نشر هذا المقال حوالي 107 أيام.
6) نقل «طوفان الأقصى» المقاومة الفلسطينية من خانة رد الفعل في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، إلى الأخذ بزمام المبادرة وتوجيه صفعة للجيش الإسرائيلي وتدمير هيبته.
ختاماً، لم يستكن الشعب الفلسطيني منذ تولى قضيته بيده، ولن يستكين … وسينتصر بإذن الله.