أين موقع إيران بالنسبة الى التفاهم الأميركي الروسي حول الوضع السوري؟
تُفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، بأنه على المستوى السياسي، فإن إيران سلمت الأمر الى الروس وجاء الاتفاق على ذلك في الاجتماع الثلاثي لوزراء الخارجية في كل من موسكو وطهران ودمشق. كما اتفق على تقاسم الأدوار والتنسيق كلما تطلب الوضع ذلك. وهناك زيارات روسية وإيرانية متبادلة دائماً. الموفد الخاص للأمم المتحدة حول الحل في سوريا، ستيفان دي ميستورا زار طهران أخيراً، ونائبه رمزي عز الدين زار دمشق. وتبين في العاصمتين رفض كلي للتطرق الى المرحلة الانتقالية. في دمشق يقولون له ذلك مباشرة، أما في طهران فيقولون ذلك بديبلوماسية وبطريقة غير مباشرة. روسيا ليست بعيدة عن هذا الموقف. لكنها بعد الخسائر التي تكبدتها في قضايا عالمية وفي المنطقة، تريد الخروج من سوريا، لاحقاً بأقل خسائر ممكنة، وأفضل التفاهمات مع الولايات المتحدة، وإيران تتابع التنسيق معها بشكل مستمر.
روسيا في الموضوع الانتقالي تقول إن الشعب يُقرر من خلال انتخابات حرة ونزيهة. كما أنها تدرك أن جيش النظام لا يزال موجوداً، وموظفي القطاع العام الذين على مستوى عالٍ بشكل عام لا يزالون في مناصبهم. ما يعني بالنسبة الى موسكو أن هناك تماسكاً ما.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول للأميركيين أن ليس لدى بلاده مشكلة إذا لم يُنتخب بشار الأسد، وإذا لم يُنتخب سيخرج من الحكم. إنما إيران لا ترى إلا الأسد ضمانة بعد «الذي حصل في ليبيا والعراق». وهي ترى أنه في بعض الدول ذات الأنظمة الديكتاتورية كسوريا، إذا غادر «القائد» فإنها تنهار.
الفارق في المواقف من «الانتقالي»، لا يعني أن هناك فارقاً في الميدان. التنسيق موجود، وكانت هناك تأكيدات أن معركة حلب ستُستكمل. لكن ما فاجأ روسيا وإيران معاً، هو رد المعارضة حيث أن الميدان لم يتجاوب مع الرغبتين الروسية والإيرانية. هناك ضغوط على إيران على الأرض في حلب، والوضع يقارب الكر والفرّ ولا انتصارات حقيقية للدول الداعمة للنظام.
لذلك، الروس ينادون بالحل السياسي وكذلك الإصلاحيون في إيران، لأن الوضع بات استنزافاً للطرفين الروسي والإيراني. ومعركة حلب دليل على ذلك. وبالتالي يتوافق الرأي بين «المتنورين» في إيران وكل من روسيا والولايات المتحدة على ضرورة حصول حل سياسي في أقرب وقت.
روسيا ومن خلال مسار الميدان، تتحرك مع واشنطن وسوريا وإيران. وهي تسعى الى فرض الحل السياسي، وفرضته في فيينا مع الولايات المتحدة. إنما لا تستمع دمشق دائماً لروسيا. في مسألة الفيديرالية، الروس يعتبرون أن أوانها حان. النظام مغلق حيالها وغير قابل للنقاش.
الروس قد لا يكونون متفقين مع إيران مئة في المئة حيال الوضع السوري، لكنه يقدرون مساعدات طهران للنظام سياسياً وعسكرياً.
روسيا وإيران لا تريدان أن يكون الحل في سوريا على حساب مصالحهما. وروسيا والولايات المتحدة تسعيان الى تفاهم حول المنطقة، وقد بدأت ذلك بإنجاز الاتفاق النووي. روسيا ترى أن لها مصلحة بالتنسيق مع الولايات المتحدة حول المنطقة وسوريا، لذا بدأت بمؤتمرات السلام حول سوريا. وهناك لجنة لمتابعة وقف العمليات العدائية في سوريا مقرها في جنيف، وغرفتا عمليات في كل من عمان وجنيف. هذا من إنجازات التفاهم الأميركي الروسي.
وتدرك إيران أن روسيا حالياً تمضي في مسارين، الأول محاولة التفاهم مع واشنطن على مصالحها في سوريا. والثاني حماية مصالح روسيا وإيران والنظام ضد الإرهاب.
إيران تفضل الحسم على الأرض، وهي ملتزمة مع النظام في هذا المجال الذي يريد حالياً التصعيد لعله يربح المعركة، ويعتبر مع إيران أنه قادر على إنهاء الأمر.
روسيا ليست بعيدة عن هذا الجو، لكنها تلعب لعبة دولية من أجل أن تستفيد من الموضوع السوري دولياً. المسألة الآن، وفقاً لمصادر ديبلوماسية أخرى، هي أن لا شيء واضح بالنسبة الى تفاهم أميركي روسي حيال وضع سوريا. فمهما تتفقان على نقاط معينة، وتختلفان على التفاصيل، والوضع السوري في مرحلة تجاذب لن يستطيع أي طرف الانتصار، لا سيما مثلاً في حلب. وسيبقى الوضع كذلك الى الوقت الذي يتعب فيه كل الأفرقاء ويقررون التفاوض الجدي. غياب الإدارة الأميركية في مرحلة الانتخابات الرئاسية المقبلة، وعدم وضوح التفاهم الأميركي الروسي يجعلان إيران والنظام متشددين في نظرتهما الى إنهاء المعركة.