IMLebanon

ضرْب «داعش» يترافق حكماً مع اقتراب نهاية الأسد

تتقاطع المؤشرات الحالية لتظهر بأن كثافة الضربات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي على مواقع «الدولة الاسلامية في العراق والشام« تؤذن حكماً لاعادة إحياء الحل السياسي في سوريا عبر قيام هيئة انتقالية تحمل كافة الصلاحيات، باعتبارها المخرج الوحيد للازمة التي كادت أن تقضي على وحدة البلاد، والتي حاول عبثاً مؤتمرا جنيف الأول والثاني الوصول اليها.

ومن أبرز هذه المؤشرات اشتراط الولايات المتحدة التوصل الى حل سياسي في العراق كمقدمة لبناء التحالف الدولي وبدئه الغارات الجوية على «داعش«، وذلك عبر الخلاص من نوري المالكي وتشكيل حكومة توافق وطني تتشارك فيها كل المكونات على قدم المساواة وفق ما يرى ديبلوماسي لبناني مطلع عن كثب على حيثيات النظرة الأميركية لتوازنات المنطقة.

فتعنّت المالكي وتمسكه بالسلطة لولاية ثالثة رغم خسارته دعم المرجعية الدينية الشيعية ممثلة بالسيستاني لم يجد طريقاً للحل الا عبر زيارة قام بها للعاصمة العراقية الامين العام لمجلس الامن القومي الايراني علي شمخاني. فشمخاني الذي يصفه المصدر بـ«كبير المهندسين» للتسويات بين ايران والولايات المتحدة زار قبل يومين دمشق واجتمع ببشار الاسد بما يمثل «بداية إنضاج لتسوية مماثلة لما شهده العراق» اي ببث الحياة مجدداً في سطور «بيان جنيف« الذي عجز مؤتمران عن تنفيذ بند واحد من بنوده.

ومن المؤشرات كذلك المتغيرات التركية خصوصاً مع تشديد الرئيس رجب طيب أردوغان أمس على أن محاربة «داعش» والمنظمات «الإرهابية» لا تعني مطلقاً عدم الالتزام بالهدف الرئيس وهو الإطاحة ببشار الأسد. فالموقف التركي بدأ متحفظاً بذريعة رهائنه بيد «داعش«. لكن المصدر لا يرى في الإفراج عن هؤلاء الرهائن سبباً أساسياً في تطور الموقف ليصل حدود طلب الحكومة من البرلمان السماح بالمشاركة في العمليات وصولاً الى طرح أردوغان فرض منطقة عازلة حدودية داخل الاراضي السورية «بما يرضي أكراده من ناحية ويخفف عن كاهله عبء النزوح السوري».

وهذه المنطقة التي من المفترض أنها ستتمتع بحماية جوية باتت سهلة المنال في ظل تحليق مقاتلات التحالف الدولي تسمح للمعارضة برسم صورة مستقبلية للبلاد تختلف عن ديكتاتورية الأسد ودمويته وعن وحشية «داعش« وتخلفها.

كذلك من المؤشرات اتخاذ الرئيس الأميركي باراك اوباما قرار ضرب «الارهابيين» داخل الاراضي السورية من دون التنسيق مع نظامها. وفي هذا المؤشر، وفق المصدر نفسه، دليل حاسم على ان ورقة الاسد المفضلة «انا او الارهاب قد عفى عليها الزمن ولم تعد صالحة للاستثمار». فتدمير «داعش» لا يمكن ان يصب في مصلحة النظام وانما في مصلحة تظهير واعادة تأهيل المعارضة المعتدلة التي تعبر عن نبض الثورة السورية المدني والتي كادت معالمها ان تختفي من جراء وحشية الاسد وتلكؤ الغرب في دعمها مقابل تشدد روسيا وايران في مد النظام بأمصال الحياة.

وفي ما يتعلق بلبنان استبق شمخاني وصوله الى دمشق بزيارة بيروت كاشفاً عن هبة ايرانية للجيش لم يتضح بعد موقف الحكومة منها، خصوصاً ان الهبات والمساعدات المالية والعسكرية كانت تصل سابقاً مباشرة الى «حزب الله». كما أتت بعد اعلان المملكة العربية السعودية عن هبات للجيش والقوى الامنية بلغ مجملها أربعة مليارات دولار، اضافة الى هبات اميركية ومن دول غربية اخرى. وكان لبنان قد تلقى عرضاً إيرانياً مماثلاً ابان زيارة الرئيس السابق ميشال سليمان طهران لكنه لم يثمر خشية انعكاسات العقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الاسلامية. ويبقى السؤال ماذا الآن مع حاجة الجيش الماسة وحيثيات مكافحة الارهاب واستمرار مفاوضات النووي وان بتعثر لا ينبئ بالخير القريب.