Site icon IMLebanon

اضربها فلا قانون يحاسبك

اضربها، نعم اضربها! فهي تستحقّ الضرب. وإن لم تستحقّه فقد تستحقّه ذات يوم، لذلك ابدأ بضربها قبل أن تغلط، أو تفكّر بالغلط، أو تراودها نفسها بالهروب. عليها أن تعرف أنك سيّدها، وتاج رأسها، وأنها خاضعة لك ولمزاجك ورضاك إلى الأبد. وهي لن تخرج من بيتك إلا إلى القبر. «وين بدها تروح يعني؟». هذا هو قدَرها، بإجماع رجال الدين من الطوائف المختلفة، ومباركة أهل السياسة والتشريع. بالمناسبة، القانون في صفّك، وهو قانون متوارث من أيام جدودنا وقد بات من تراثنا، ولن يتغيّر، بكفالة رجال الدين والقانون معاً، لذا كُن صارماً في تعنيفها جسدياً ومعنوياً. وليس هناك شرطي واحد مستعدّ أن يقبل فتح شكوى ضد رجل أهان امرأة لفظياً… ولا محام مستعدّ أن يتوكّل عن امرأة معنّفة لفظياً. التعنيف اللفظي قضية خاسرة من الأساس. اختَرْ من الكلمات أقساها وأكثرها تجريحاً، وأرشقها بها عند أول فرصة، صارخاً بأعلى صوتك، أو ساخراً متهكّماً. يمكنكَ أن تختار تعنيفها لفظياً أمام صديقاتها أو جاراتها، أو حتى أولادها، فيتوقّفوا عن احترامها.

كم ضحكنا من خبر تناقلته وسائل الإعلام أخيراً، عن البريطاني الذي عنّف صديقته، فسجن وغُرّم بسبعين ألف جنيه. عندنا في لبنان، تُقتل امرأة شهرياً نتيجة العنف الأسري، ولا من يُحاسب!

مشروع قانون «حماية النساء من العنف الأسري» مطروح منذ ٢٠١١ ولم يُبصر النور بعد، ولن يفعل يوماً. «يعني وقفت الأمور في البلاد على هذا المشروع القانوني؟! البلد خربان، ولا من يسأل. هناك عشرات، بل مئات الأولويات السياسية والاقتصادية والبيئية والأمنية المصيرية التي يجب أن يبتّ بها المجلس النيابي، وعلى رأسها انتخاب رئيس للبلاد، ورفع النفايات، واستقرار الليرة اللبنانية، وملاحقة الإرهابيين ومنع تسرّبهم خارج السجون وغيرها. ولا من يتابع، ولا من يحسم. «آخر همّن المرأة، ونقّها؟!». حتى الجمعيات النسائية، والمنابر الإعلامية نسيت أو تناست الموضوع في همكة الكلام عن التوطين والحلول في سورية وتهديد المصارف اللبنانية. الأولوية اليوم للسياسة والحرب والاقتصاد، أما النساء فلهنّ الصمت إلى الأبد.

أعلم جيّداً أن أحداً لن يقرأ مقالاً للدفاع عن المرأة المعنَّفة، ولا عن المطالبة بتجريم الرجل المعنِّف، أباً كان أو أخاً أو ابناً أو زوجاً أو خطيباً، ولا بسنّ القوانين التي تحمي المرأة من العنف. لكنّ الكلّ مستعدّ لقراءة دعوة إلى ضرب المرأة وتعنيفها، في مجتمع يؤلّه العنف والبطش والترهيب!

ويحَ حُكّام ومشرّعين يتخاذلون عن سنّ قوانين تحمي النساء من العنف والتعنيف، ثم يدّعون الحرية والديموقراطية والإنسانية… كيف ينامون قريري العين، مرتاحي الضمير، في حين ترقد بغداد العيسى وبثينة الزين وصونيا ياغي وغيرهنّ من ضحايا ما يسمّى بـ “الشرف”، في قبور باردة، وقتلتهنّ أحرار طلقاء؟ كيف؟