Site icon IMLebanon

“حزب الله” على موقفه: حكومة إنقاذية من الاختصاصيين  

 

 

فجأة ازدحمت الضغوطات حول رئيس الحكومة المكلّف حسّان دياب لتحبط من منسوب ولادة حكومته في وقت قريب. كان الاعتقاد سائداً خلال الأسبوع الماضي، أنّ حكومة المهمة الانقاذية سترى النور قبل عطلة عيد الأرمن، بعدما تكرّست ثوابتها وجرى تأليفها وفق قواعد محددة صاغها رئيسها بدقة: 18 اختصاصياً من غير السياسيين أو المحسوبين بشكل “فاقع” على القوى الشريكة، وتوكل إليهم مهمة وقف الانهيار الدراماتيكي، ليشكّلوا صدمة ايجابية أمام الرأي العام المنتفض، ما يتيح فترة سماح قد تساعد على التخفيف من حدّة السقوط المدوي.

 

وإذ بالتطورات الإقليمية تعيد إيقاظ طرح حكومة الصنف “التكنوسياسي” على قاعدة أنّ الزلزال العراقي قد يستدعي وجود وزراء من قماشة “الصقور” بمقدورهم التصدي أو مواجهة الأحداث المرتقبة، ما أعاد الأمور إلى المربّع الأول بعدما اصطدم الطرح برفض رئيس الحكومة المكلف الذي يقف لهكذا حكومة بالمرصاد، كونها لن تشبه السلوك الذي يريده لحكومته ويخشى أن تواجه “نبذاً” خارجياً.

 

ولكن قبل دخول المعطى الخارجي على لعبة البازل الحكومية، كانت التباينات بين أبناء الصفّ الحكومي، أي قوى الثامن من آذار التي تتولى التشاور مع دياب حول الأسماء المقترحة للتوزير، لا تزال تحول دون نضوج الطبخة بشكل نهائي ليرفع دياب تشكيلته إلى رئيس الجمهورية وتبدأ مكوناتها بصياغة البيان الوزاري.

 

اللافت، أنّ معظم هذه الخلافات كانت تُرمى على عاتق “حزب الله” وكأنه هو من يقف خلف الملاحظات التي يسجلها حلفاؤه. لكن رئيس الحكومة المكلف، كما يقول المطلعون على مشاورات التأليف، يعرف جيّداً حقيقة موقف الضاحية الجنوبية من كل التباينات الحاصلة حول بعض الحقائب وتحديداً السيادية منها، ومتأكد أيضاً أنّ “حزب الله” هو أكثر الداعمين لقيام حكومة انقاذية وبشكل سريع، تعمل على وقف التدهور المالي بمعزل عما يحصل في الاقليم. وبالتالي إنّ جدار الفصل بين الخارج والداخل لا يزال قائماً على عكس ما تمّ الترويج له في اليومين المنصرمين.

 

الأهم من ذلك كله، هو أنّ دياب لم يبد أي ليونة تجاه الثوابت التي وضعها لحكومته، وهو يتصرّف على أساس أنّ التكليف في جيبه وأنّ الضغوطات التي تمارس عليه لن تدفعه أبداً إلى الاعتذار، خصوصاً وأنّ مهمته لا تزال ضمن فترة السماح المقبولة. ولذا تراه غير متأثر بما بلغه من كلام نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، حول الدعوة إلى لمّ الشمل وتوسيع الحكومة لرفع منسوب دسمها السياسي.

 

ولغاية اللحظة، يؤكد دياب أمام زواره على قاعدة ثلاثية تتحكم بمسار التأليف: حكومة من 18 اختصاصياً من ضمنهم دميانوس قطار، لا سياسيين فيها. وعلى هذا الأساس يرفض البحث في أي صيغ مغايرة ويرفض المساومة على أي من قواعد التأليف التي ثبّتها.

 

وها هو تكتل “لبنان القوي” يعود مجدداً إلى صفّ المتمسكين بحكومة من غير السياسيين، بعدما أثار موقف رئيسه جبران باسيل لغطاً بسبب مطالبته بتوسيع الحكومة ليكون عديدها 24 وزيراً، ما يعيد الزخم إلى طرح حسّان دياب، إلا أنّ دعوة التكتل لاحترام وحدة المعايير ستصطدم بإصرار دياب على توزير قطّار كونه وزيراً سابقاً، فيما كانت الأولوية لمعيار استبعاد الوزراء السابقين.

 

في هذه الأثناء، كان “حزب الله” يبلغ كل من يعنيه الأمر أنّه لا يزال عند موقفه الأساسي، الداعي للإسراع في تأليف حكومة انقاذية من الاختصاصيين تعمل على لجم التدهور المالي وتحاول انقاذ ما أمكن انقاذه. وجاء بيان كتلة “الوفاء للمقاومة” بمثابة تأكيد على توجه “حزب الله” في الشأن الحكومي، حيث شددت على أنّ “المستجدات المحلية والإقليميّة تفرض تشكيل حكومة تنهض بمسؤولية إدارة شؤون البلاد وحماية مصالح اللبنانيين، وتولي عنايتها الفائقة لتصحيح الأوضاع الماليّة والنقديّة والاقتصاديّة والمعيشيّة، وتعيد الانتظام لعمل المؤسسات والإدارات والأجهزة كافّة ومعالجة الأزمات المتراكمة”.

 

بالتالي، سيعاود دياب تشغيل “مولدات” مشاوراته على قاعدة العودة إلى خريطة الطريق التي وضعها لحكومته.