يُشكّل عامل الوقت، عنصر ضغط كبيراً على حكومة الرئيس حسان دياب التي تواجه ظروفاً بالغة الصعوبة، مع تفاقم الأزمة المالية التي ترخي بثقلها على الوضع الداخلي من جميع جوانبه، في وقت يترقب اللبنانيون مضمون الخطة الإصلاحية الانقاذية التي ستقدمها الحكومة لصندوق النقد الدولي، والتي على أساسها سيحدد الصندوق موقفه، وما إذا كانت قادرة على إنقاذ لبنان من أزمته، أو أنها تبدو قاصرة عن الاستجابة لشروط الصندوق الذي زار وفد منه لبنان، في إطار البحث عن مخارج من الوضع الصعب الذي يمر به البلد. وكان لافتاً للانتباه المواقف التي صدرت عن «حزب الله» وبعض حلفائه، وحذرت من وصفات صندوق النقد، ما فسر بأنه رفض من جانب الحزب، على ما قد يقترحه الصندوق من حلول للأزمة المالية، على اعتبار أن «حزب الله» يخشى أن يكون هناك من يعمل على استهدافه من خلال مقترحات الصندوق الهادفة إلى مساعدة لبنان على الخروج من هذا المأزق.
وإذ أثارت انتقادات «حزب الله» لدور صندوق النقد في مساعدة لبنان، تساؤلات عديدة في الأوساط الداخلية عن توقيتها وأبعادها، إلا أنها ووفقاً لرؤية أوساط بارزة في حزب «القوات اللبنانية»، كما أبلغت «اللواء»، فإنها تشير إلى أن «الحزب لا يريد إصلاحات حقيقية وجدية، سيما وأنه يتعامل أساساً مع كل ما يتصل بالموقف الدولي على قاعدة، أن هناك مؤامرة تحاك ضده، والدليل أنه أطلق على صندوق النقد بأنه صندوق استعماري وإمبريالي، وهذا يدل بشكل واضح على طريقة تعاطي هذا الفريق مع الأمور، علماً أن لبنان لم يكن بحاجة إلى هذا الصندوق، ولو أن الحزب وحلفاءه استدركوا منذ اللحظة الأولى خطورة الأوضاع الاقتصادية، وقاموا بالمعالجات المطلوبة لموازنة الـ2019، قبلها وبعدها»، مشددة على أن «هذا التعاطي غير المسؤول مع الملفات المالية والاقتصادية، ورفض مكافحة الفساد بشكل فعلي وحقيقي، كذلك رفض القيام بالاصلاحات المطلوبة، هو الذي أوصل الوضع إلى ما وصل إليه، وبالتالي أصبح لبنان ملزماً التعاون مع صندوق النقد الدولي من أجل تجنب الانهيار الشامل الذي يسير البلد باتجاهه، خاصة وأن صندوق النقد ليس خياراً، وإنما هو نتيجة لهذا الفشل في سياسات الأكثرية التي أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه».
وتبدي الأوساط «القواتية»، حذراً شديداً من دخول الحكومة في مواجهات مبكرة مع القوى السياسية، حيث تشير إلى أن «رئيس الحكومة حسان دياب، لم يكن موفقاً في الحملة التي شنها على معارضي حكومته، حيث أنه يفترض بهذه الحكومة ألا تدخل في سجالات سياسية، وأن تخصص كل وقتها من أجل العمل، وأن تتجنب الدخول في مواجهات سياسية، وأن تنصرف باتجاه مقاربة عملانية لكيفية إخراج لبنان من أزمته»، مؤكدة أن «هذا التساجل لا يصب في مصلحة ما يقوم به على هذا المستوى، في الوقت الذي ينبغي على من يعمل في الشأن العام أن يتحمل انتقادات ما يحصل، خصوصاً وأن الحكومة لم تظهر أنها ممسكة بخيوط اللعبة، وأن خطواتها جدية، وأكبر دليل أن القوات اللبنانية، انتقدت الحكومة، بدءاً من موضوع استردادها للموازنة، وصولاً إلى طريقة تعاطيها مع ملفات عديدة، وآخرها كورونا».
وتشدد، على «الحكومة مطالبة بتسريع وتيرة عملها لمعرفة ما إذا كانت ستتمكن من إخراج لبنان من وضعه الحالي أم لا، علماً أن المؤشرات لغاية هذه اللحظة لا تبشر بالخير. إذا أن طريقة المقاربات ليست سليمة، ما سيجعل الحكومة في وضع لا تحسد عليه، وبالتالي يجب عليها أن تتفرغ لمعالجة المشكلات الكبيرة التي يمر بها البلد، وأن تضع خطة مدروسة لكيفية الخروج من هذا المأزق الذي يتهدد لبنان بخسائر جسيمة، إذا لم تنجح هذه الحكومة بالقيام بما هو مطلوب منها على العيد الاقتصادي والمالي وقبل أي أمر آخر. بعدما حذر صندوق النقد من خطورة المسار الذي يسير به لبنان، والذي ينذر بمضاعفات لا يمكن الاستهانة بها مطلقاً إذا لم تقم الحكومة بما هو مطلوب منها».
وتعتبر الأوساط «القواتية»، أن «استمرار الولايات المتحدة الاميركية في فرض العقوبات على «حزب الله» وحلفائه، سيزيد الضغوطات على لبنان، في ظل قرار أميركي واضح في مواصلة هذه العقوبات، على إيران وأذرعها في المنطقة، ومن بينها «حزب الله»، وهذا يؤشر إلى استمرار سياسة الخناق على الحزب، بما يتركه ذلك من انعكاسات بالغة السلبية على وضع الحزب، في وقت تشير كل الدلائل إلى أن هذه العقوبات ستتوسع أكثر فأكثر، في ظل أوضاع إقتصادية صعبة للغاية، يعاني منها لبنان والحزب، وهذا بالتأكيد سيفاقم الأمور على نحو أكثر خطورة، إذا لم تباشر الحكومة بالإجراءات الانقاذية قبل السقوط في الهاوية».