في وقت تتركّز الأحداث في القصر الجمهوري في بعبدا الذي ينتظر الإستشارات النيابية الإثنين، إنتقل الحدث أمس إلى قصر عدل بعبدا بعد الإشكال الذي حصل على خلفية توقيف مديرة هيئة السير هدى سلوم.
لا شكّ أن بعض قرارات المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون تطرح علامات استفهام، خصوصاً أن مكتبها بات مسرحاً لإشكالات متنقلة على خلفيات متعدّدة، ولكن كل ذلك لا يُبررّ التصرفات الخارجة عن المألوف، فالبلاد في حالة ثورة على الواقع المزري والسلطة القضائية بكل مكوناتها مطالبة بدور كبير من أجل كشف الفساد ومعاقبة الفاسدين.
يوم أمس كان حافلاً في قصر عدل بعبدا، فما إن اتخذت عون قراراً بتوقيف سلوم، حتى شهدت باحة مكتبها هرجاً ومرجاً كان بطلها محامي سلوم النائب هادي حبيش الذي اعتمد اسلوب محاولة اقتحام مكتب القاضية متسلحاً بحصانته النيابية.
واستندت عون في قرارها الى الإخبار المقدم من المحامي وديع عقل والذي يتهم سلوم بجرائم الرشى والتزوير وهدر المال العام وإلاثراء غير المشروع وإلاخلال بالموجبات الوظيفية، من ثم أحالت عون ملف سلوم إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت جورج رزق.
وطرحت قضية توقيف سلوم وردّة فعل حبيش مسألة ما يحصل في قصور العدل، فمن جهة هناك قرارات قد تكون غير صائبة وقابلة للمراجعة، ومن جهة أخرى هناك احترام لهيبة القضاء بغض النظر عمن هو القاضي.
ولم يسلم النائب حبيش من الإنتقادات على تصرفه والذي شبهه البعض بما قام به النائب السابق نواف الموسوي قبل استقالته عندما اقتحم المخفر، أو صفع النائب السابق نقولا فتوش موظفة في قصر العدل عندما كانت تقوم بمهامها. وما يزيد “الطين بلة” أن حبيش نائب يمثّل الأمة وهو محام ويعلم جيداً أن كل قرار قضائي قابل للإستئناف حتى لو كان مبنياً على خطأ، وتصرفه هذا قد يبرر تصرفات نواب أو محامين آخرين خصوصاً أن هناك من يستطيع تهديد أي قاضٍ إذا لم يكن القرار كما هو يتمناه.
وهنا يطرح سؤال أساسي وهو هل يستطيع أي نائب إستعمال حصانته النيابية للقيام بأعمال خارجة عن المألوف؟
ويجمع خبراء الدستور والقانون على أن النائب يُعاقب إذا قام بجرم مشهود، لكن في حالة حبيش فان التصرف في الشكل غير مقبول وسبّب ردة فعل شعبية بغض النظر عن الأسباب الموجبة، وعدم اقترافه جرماً مشهوداً.
وفي السياق، تنص المادة 39 على أنه لا تجوز إقامة دعوى جزائية على أي نائب بسبب الأفكار والآراء التي يبديها خلال مدة نيابته.
أما المادة 40 فتنص على أنه لا يجوز أثناء دورة انعقاد مجلس النواب إتخاذ إجراءات جزائية بحق أي نائب أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً، إلا بإذن المجلس ما خلا حالة التلبس بالجريمة (الجرم المشهود).حبيش: هل سائق عون لا يرتشي؟
ويروي حبيش الممتعض من قرارات عون ما جرى لـ”نداء الوطن”، ويقول: “عندما تبلغت بما قامت به القاضية عون ذهبت إلى مقابلتها، وأصريت على ذلك وسمعت صراخاً وحاولت الدخول إلى مكتبها للإستفسار فخرجت وقلت لها إن ما تفعلينه هو غير قانوني ولا يحق لك فعل هكذا أمور، وارتفعت حدّة النقاش بيننا فتدخل بعض الموجودين لتهدئة النفوس بعدما حاولت إسكاتي، وأنا أصريت على متابعة القضية ضمن الأطر القانونية”.
ويشدّد حبيش على أن عون “لا يحق لها إيقاف سلوم من دون إذن وزارة الداخلية، وهي بذلك ترتكب مخالفات قانونية، كما أن التهمة التي تساق ضدها هي أن سائقها قبض رشاوى، فهل هذا الفعل يستوجب توقيفها، وهل سائق عون لا يرتشي؟”.
ويؤكّد ان “القرار الذي اتخذته عون سياسي بامتياز، وهدفه بالدرجة الأولى النيل مني، و”التيار الوطني الحر” يلاحق سلوم منذ مدة لأنه يريد أن يخرجها من وظيفتها ليستبدلها بأحد المنتمين إليه”.
وسيطر الذهول على قصر العدل بعد الذي حصل، فالبلد على كفّ عفريت وأي إشكال ممكن أن يشعل الأجواء مجدداً، وقد سجّل انتشار كثيف لقوى الامن والجيش في محيط قصر العدل، بينما شهد مكتب القاضية عون زحمة حاضرين وسط إجراءات أمنية مشددة حيث كان يقف بالقرب من مدخل مكتبها أكثر من 10 عناصر من قوى الأمن الداخلي.مجلس القضاء الأعلى
هذا الحدث استدعى اجتماعاً عاجلاً لمجلس القضاء الأعلى بحضور وزير العدل ألبير سرحان، وتم البحث في التطورات التي حصلت وخصوصاً لجهة ما حصل مع عون.
وطلب المجلس من النائب العام التمييزي اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لملاحقة النائب حبيش، فيما ذكرت “Lbci” أن المجلس أحال عون إلى التفتيش القضائي.
وأصرت القاضية على صوابية قرارها، وأكدت أنّ “توقيف سلوم أتى بناءً على معطيات وإثباتات وليس بشكل عشوائيّ”، سائلةً: “هل نحن في دولة أو في بلد قبائل كي يتصرّف حبيش بهذه الطريقة في قصر عدل بعبدا؟”. واعتبرت أن”ما رأيناه هو نتيجة مكافحة الفساد في لبنان، أمّا ضميري فمرتاح طبعاً”.
ولم تتأخر ردود الفعل على تصرف حبيش، فقد غرد وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي عبر حسابه على “تويتر” قائلاً: “نائب خدماتي من الماضي المستقبلي يتهدد نائباً استئنافياً في عقر دائرته ويكيل الإتهامات علناً، وينادي في الوقت ذاته باستقلالية السلطة القضائية! حقاً انه لمستقبل واعد”.
والجدير ذكره أن هيئة إدارة السير والآليات والمركبات ترتبط بوزير الداخلية والبلديات الذي يمارس عليها الوصاية الإدارية. وتتولى المؤسسة المهام التالية: السهر على تطبيق القوانين والأنظمة المتعلقة بالسير وتسجيل الآليات والسيارات والمركبات على اختلافها، ادارة اشارات السير ومراقبتها، دراسة هندسة السير، تخطيط السير التشغيلي، الوقوف على جوانب الطرق، الإعلام والتوجيه.