الى بيروت وصل الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين من “اسرائيل”، حاملا معه رسالة واحدة: “اوقفوا الحرب فورا والا القادم اعظم”، لتكتمل نبوءته بفيلم نشره حزب الله لعملية استطلاع في العمق “الاسرائيلي”، شكلت ضربة موجعة للطرح الاميركي من جهة، وللتهديد “الاسرائيلي” من جهة ثانية.
مصادر مواكبة للزيارة، وصفتها بالانتخابية لا اكثر ولا اقل، حيث يحاول الوسيط الاميركي تحصيل نقاط لصالح الحملة الديموقراطية للرئيس جو بايدن، من هنا جاء انحيازه للموقف “الاسرائيلي”، املا في اعادة “لملمة” الاصوات اليهودية التي خسرها الرئيس الاميركي، نتيجة بعض من مواقفه فيما خص الحرب في غزة.
ووفقا للمصادر، فان لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين لم تحمل جديدا، سوى لهجته ونبرته العالية السقف هذه المرة خلافا للمرات السابقة، والتي رد عليها حزب الله بالمثل، حيث يمكن وصف اجواء الزيارة بالتشاؤمية، اذ جاءت لتؤكد على ان الامور ذاهبة الى مزيد من التصعيد، الذي سيفرض حتما على واشنطن ان تكون في صف “تل ابيب”.
حزب الله بدوره واكب الزيارة على طريقته، مع رفع وتيرة عملياته “النوعية” منذ الصباح، لتبلغ ذروة رده على التهديدات التي حملها الوسيط الاميركي، بنشره فيلما “طويلا” لعملية “الهدهد” الاستطلاعية في العمق “الاسرائيلي”، حيث تمكن حزب الله من الحصول على صور عالية الدقة لميناء حيفا بالكامل ومستوطنة “الكريوت”، وما تحتويه من منشآت عسكرية حساسة وضخمة.
يشار الى ان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، كان سبق وقال في احدى اطلالاته الاعلامية في 8 آب 2020 “نحن نعلم ما في مرفأ حيفا اكثر مما نعلم ما في مرفأ بيروت”. فهل نجح حزب الله منذ تلك الفترة في الحصول على تلك الصور؟ وماذا تراه سيكشف في اطلالته غدا عن العملية الاخيرة؟
في كل الاحوال مصدر متابع لزيارة الوسيط الاميركي توقف عند مجموعة من النقاط اللافتة، اهمها:
– تجاهله بالكامل التطرق الى ملف رئاسة الجمهورية، سواء خلال لقاءاته السياسية او في كلمته، وهو ما يراه البعض بصورة سلبية.
– سرعة رد حزب الله على ما حمله هوكشتاين معه، من تصعيد العمليات على الجبهة الجنوبية، الى نشر صور عملية “الهدهد”، التي علق احد اعضاء الوفد الاميركي عليها، معتبرا ان ما حصل تصعيد خطير وان الرسالة وصلت.
– قصر مدة مباحثاته في عين التينة، والتي لم تتخط الثلث ساعة، حيث اعتاد سابقا على ان تكون الاطول في جولاته التفاوضية، واصراره على ان تكون كلمته “الرسمية” الوحيدة من مقر الرئاسة الثانية، مع ما حملته من تشاؤم.
– محاولته تحييد الدولة اللبنانية عن الصراع، في حديثه عن مواجهات على الحدود، معتبرا انها بين “اسرائيل” وحزب الله، وهو ما دفع بـ “تل ابيب” الى الرد بان “حزب الله يتحرك بتوجيهات ايرانية، والحكومة اللبنانية مسؤولة عما يحصل على الحدود”.
– دعوته الى وضع حد فوري للحرب القائمة، والافضل بالطرق الديبلوماسية، والا فان الامور ذاهبة الى تصعيد خطير، وهو ما فهم على انه انذار اخير ضمن مهلة محددة معطاة للمساعي الديبلوماسية، قد لا تتجاوز حدود انجاز العملية في رفح، وفقا لما اعلنه.
وتابعت المصادر بان هوكشتاين لم يحمل معه أي مبادرة مكتوبة، اذ اكتفى بالتأكيد خلال لقاءاته على ان الحلول التي توصل اليها وانجزها هي اقصى ما يمكن بلوغه، وهي تعتبر ايجابية بالنسبة للبنان، وان الاستفادة منها تقتضي حاليا وقفا فوريا للعمليات العسكرية على الحدود، والا ما تحقق حتى الساعة لم يكون صالحا للاستثمار لاحقا، في اشارته الى المكتسبات الحدودية فيما خص النقاط المختلف حولها، لانجاز الترسيم البري.
وختمت المصادر بان خطوة حزب الله بنشر الصور جاءت ردا واضحا على ما حمله هوكشتاين من تهديدات، وعن ان حارة حريك مستعدة للذهاب الى النهاية اذا اقتضى الامر، وان التهديدات ما عادت تنفع، اذ ان الحل معروف وواضح وقف الحرب في غزة.