يحتاج لبنان وساطات على الأصعدة كلها بدءاً من وساطةٍ تسمح لحكومته بعقد اجتماعاتها الدورية!
وربما كان يجدر بالأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ان يبدأ مساعيه من هذه النقطة بالذات فيجول على “اصحاب” الوزراء، زعماء طوائف وكتل، ليسألهم رأيهم في المخارج والحلول، وعندما يأتيه الجواب ان لا اجتماع لمجلس الوزراء الا بعد ازاحة المحقق طارق البيطار، يذهب الى البيطار وبعده الى مجلس القضاء الأعلى وكل خبير قانوني ودستوري بحثاً عن ثقب يمكن النفاذ منه.
مبدئياً، مسألة علاقات لبنان الخارجية ترسمها وتحددها الحكومة. هذه قضية لا جدال فيها. لكن من يصنع سياسة لبنان الخارجية منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم لم تكن حكومته الشرعية، وقبل الطائف ايضاً كانت دمشق تضع هذه السياسة ليطبقها الوزراء بحذافيرها، وفي فترة أسبق تمتع ابو عمار لبعض الوقت بوضع هذه السياسة بحكم الأمر الواقع.
الآن هناك مشكلة مع دول الخليج العربي. هي لم تندلع فجأة، بل جاءت نتيجة تراكمات على مدى سنوات، خصوصاً بعد الإنقلاب الحوثي في اليمن وانخراط ايران وانصارها في المعارك التي طالت السعودية وبلدان مجلس التعاون… واتخاذ موقف من هذه الحرب واطرافها لا يعود بالتأكيد لطرف حزبي ان كان في الحكومة او خارجها. الموقف تتخذه الدولة ممثلة بحكومتها الشرعية، وتنطلق فيه بالاساس من المصالح الوطنية العليا للشعب الذي اعطاها ثقته.
على الأرجح، لن ينجح الاستاذ زكي في مهمته لأن لا حكومة يفاوضها لتتخذ القرار، وهو اذا اراد قراراً عليه ان يقنع معطليها بتسهيل اجتماعها لتسهيل مهمته. وهذا يبدو متعذراً بل مستحيلاً.
فلا وسيط لمفاوضات داخلية ولا علاقة مع العمق العربي، وفقط المفاوضات مع اسرائيل تسلك طريقها عبر “الصهيوني” الأميركي اموس هوكشتاين من دون الحاجة الى حكومة ولا الى دعم عربي ولا الى علاقات لبنانية طبيعية مع المحيط.
سيستكشف زكي اوضاع لبنان ليضيف تقريراً الى ملف لبنان في الجامعة العربية يؤكد ان لا شيء تغيّر منذ زمن عمرو موسى! وأن المشكلة هي الآن وأكثر من أي وقت مضى في سلطات لبنان ومتسلطيه!