IMLebanon

مقترح هوكشتاين للحدود البريّة منجز… في انتظار الوقت المناسب لبلورته؟! 

 

 

 

يبدو أنّ المفاوضات حول الحدود البريّة التي يقودها كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين، ستنتظر بعض الوقت للتوصّل الى اتفاق حول الحدود البريّة بين لبنان والعدو الاسرائيلي. فالهدنة في غزّة لم تتحقّق، والحرب مستمرّة في القطاع وعند الجبهة الجنوبية في لبنان، والاستحقاق الرئاسي لم يوضع بعد على السكّة الصحيحة، رغم زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الأخيرة الى بيروت، التي صبّت في إطار تشجيع جميع الأطراف على التشاور، ومن ثمّ الذهاب الى انتخاب الرئيس قبل تمّوز المقبل، والتحذير بالتالي من الفراغ الذي سيؤدّي الى خسارة لبنان السياسي.

 

والأهم اليوم، بالنسبة لواشنطن وفرنسا ودول “اللجنة الخماسية”، على ما تقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة ، هو عدم التصعيد جنوباً وعدم توسّع الحرب لتشمل لبنان ككلّ، إنّما الذهاب الى التشاور بين جميع الأطراف للتوافق على انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة جديدة بهدف مواجهة التحديات وحلّ الأزمات القائمة، ومن ضمنها تحديد الحدود البرية. فهوكشتاين عرض مقترحه حول “الاتفاق البرّي الموعود” بين لبنان و “اسرائيل” ولم يلقَ الموافقة على جميع بنوده من قبل الطرفين.

 

ولهذا ينتظر هوكشتاين، على ما أضافت الاوساط ، بالدرجة الأولى نتائج القمّة الأميركية- الفرنسية التي تُعقد الأسبوع المقبل في 8 حزيران في باريس، على هامش الاحتفالات السنوية بالذكرى الثمانين لإنزال الحلفاء في النورماندي خلال الحرب العالمية الثانية (1944)، ومن ثمّ الحوار الفرنسي – الإيراني المرتقب في طهران، لإعادة تحريك محرّكاته في اتجاه لبنان والمنطقة، فضلاً عن وقف إطلاق النار في غزّة وفي جنوب لبنان، إلّا إذا حصل أمر طارىء يدفعه الى العودة سريعاً لمتابعة مهمّته التفاوضية.

 

وإذ أكّدت زيارة لودريان الأخيرة أنّ حزب الله يفصل بين حرب غزّة والمعارك في جنوب لبنان وبين الملف الرئاسي، على ما تابعت الأوساط نفسها، ما من شأنه تسهيل الذهاب الى الانتخاب في حال موافقة الجميع على التشاور أولاً، إلّا أنّه من الصعب الفصل اليوم بين الحرب الدائرة في القطاع والجنوب، وبين استكمال المفاوضات على الحدود البريّة. فالأمر يتطلّب أولاً إنهاء حرب غزّة وانعكاس وقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية، كما أنّ “اتفاقاً للحدود البريّة بين “إسرائيل” ولبنان إذا تمّ تنفيذه على مراحل، من شأنه تخفيف الصراع المحتدم بين الطرفين”، على ما جاء على لسان هوكشتاين الخميس المنصرم.

 

ويتطلّب مقترح هوكشتاين “المنجز ولكن غير المتوافق عليه حتى الساعة”، على ما كشفت الأوساط الديبلوماسية، تعديل بعض نقاطه، بما يناسب الطرفين وليس طرفاً واحداً فقط، للتوصّل الى الاتفاق حول الحدود البريّة، وأبرزها:

 

1- وقف إطلاق النار في غزّة وفي جنوب لبنان، ما يُتيح إعادة إنتشار كلّاً من الجيش اللبناني

 

و”اليونيفيل” وحزب الله ضمن حدود معيّنة، وعودة كلّاً من المستوطنين الى المستوطنات

 

الشمالية، وأهالي الجنوب الى بلداتهم وقراهم.

 

2- إعادة تموضع حزب الله من خلال التراجع عن الحدود بضعة كيلومترات، فضلاً عن انتشار الجيش على الحدود البريّة من خلال إضافة 2500 عنصر الى عديده الحالي في مرحلة أولى، و2500 آخرين في مرحلة لاحقة.

 

3- التوافق على النقاط الخلافية المتبقية عند الخط الأزرق. فقد جرى سابقاً التوافق على سبع منها، ويبقى هناك 6 نقاط عالقة بهدف الانسحاب “الإسرائيلي” منها.

 

4 – حلّ الانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا يُترك الى وقت لاحق. فالأمم المتحدة تجد أنّه يجب حلّ الخلاف مع سوريا أولاً على ملكية لبنان لهذه المزارع، وتقول انّ الخرائط التي بحوزتها يشوبها بعض التناقض. فتلك التي تعود الى ما قبل العام 1966 تضع المزارع داخل لبنان، في حين أنّه بعد العام 1967 تُظهر أنّها غير لبنانية. وفي ما يتعلّق ببلدة الغجر فثمّة خرائط  قبل العام 1966 تُظهرها داخل الحدود اللبنانية ، وجرى تعديل هذه الأخيرة بعد العام 1967 لتظهيرها داخل الجولان السوري، وبالتالي واقعة تحت الإحتلال الإسرائيلي. ومن وجهة النظر الأميركية، لا يمكن تعطيل مسألة التهدئة المستدامة على الحدود بسبب هذه الأراضي، إذ يمكن إيجاد حلّ لها بعد عودة سوريا الى طاولة المفاوضات.

 

5- تطبيق القرار 1701 على مراحل، إذ يصعب تنفيذه بطريقة فورية.

 

ولأنّ مقترح هوكشتاين هذا يحتاج الى الكثير من التعديلات عليه، بما يتناسب مع مصلحة لبنان، على ما أوضحت الاوساط نفسها، فإنّ الوسيط الأميركي سعى الى شرح وجهة نظره أمام النوّاب الذين التقاهم أخيراً في واشنطن. كما سيعمل لاحقاً على تذليل بعض العقبات من خلال تواصله مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، الذي يجد أنّه الممر لأي إتفاق حدودي والمفتاح للاستحقاق الرئاسي. ولهذا لا تستطيع الولايات المتحدة الأميركية اليوم التلويح بفرض العقوبات على معطّلي الإنتخاب، لا سيما على برّي، كونها تحتاج الى مساعدته من أجل حلّ الملفات الداخلية والحدودية.

 

أمّا تطبيق القرار 1701 على مراحل، فطرح هوكشتاين أن يجري على مراحل، وفق الأوساط، كون “الإسرائيلي” لم يوافق على وقف الطلعات الجوية فوق لبنان، التي تمثّل خرقاً للقرار المذكور. كما أنّ حزب الله يرفض تطبيق القرار 1559 ما دام “الإسرائيلي” يخرق الأجواء ويعتدي على السيادة اللبنانية. ولهذا سيحاول بعد المحادثات الدولية والإقليمية المرتقبة، إعادة إثارة هذين الأمرين مع كلّ من الطرفين لإيجاد حلّ لهما، فضلاً عن البنود المرفوضة من قبل لبنان. كما يُعوّل الوسيط الأميركي على نتائج عقد “المؤتمر الدولي برعاية الأمم المتحدة” لحلّ القضية الفلسطينية على أساس حلّ الدولتين، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، والذي جرت الدعوة اليه في قمّة البحرين الأخيرة.