على مسافة ساعات من عودة الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية آموس هوكشتاين إلى بيروت ، سجلت مصادر نيابية جنوبية ارتفاعاً في منسوب التوتر الحذر في المنطقة، إنطلاقاً من المواقف السياسية والحزبية المتتالية في الأيام الماضية، والتي تلاقت على الوقوف بوجه أية محاولة «إسرائيلية» لاستباحة الثروة اللبنانية ومن خلال إنتاج الغاز في حقل «كاريش» المتنازع عليه، والسعي إلى حماية الثروة الوطنية، والتي لم يعد الشعب اللبناني يمتلك غيرها كوسيلة من أجل النهوض من حال الإنهيار التي وقع فيها. وبرأي هذه المصادر فإن الصورة سوف تتجه إلى الحسم بعد الإطلاع على ما سيحمله الوسيط الأميركي المنحاز بالطبع إلى العدو الإسرائيلي، خصوصاً وأن المفاوضات هي التي ستحدد طبيعة المسار الذي سوف تسلكه الأمور في المرحلة المقبلة.
وتؤكد المصادر نفسها، أن المعالجات الديبلوماسية هي العنوان في هذا الإطار، بينما تباينت المواقف الداخلية من التطورات، خصوصاً لجهة اعتبار الخط 29 خطاً للتفاوض أو التمسك بالخط 23 ، والتي ركّز البعض منها على كل تفاصيل العملية التفاوضية التي بدأت منذ 11 عاماً، والمتعلقة منها بشؤون الترسيم بجوانبه التقنية والقانونية والبحرية.
لكن هذا الواقع لن يستمرّ إلى وقت طويل، كما تكشف المصادر التي تشير إلى ما يشبه حال الإستنفار والمتابعة على كل المستويات السياسية والديبلوماسية، بُغية الاحاطة بأي جديد يمكن أن يطرأ، في ظلّ انتظار الموقف الذي سيحمله هوكشتاين في جعبته، قبل أن تتخذ أي قرار يمكن اللجوء اليه، سواء لجهة إصدار مرسوم تعديل المرسوم 6433، أو لجهة العودة مجدداً إلى طاولة المفاوضات، وذلك في مقاربة أمر الواقع الجديد الذي فرضته «إسرائيل» بوصول سفينة الإنتاج إلى حقل «كاريش»، تمهيداً لبدء عمليات سحب الثروة الغازية والنفطية، خصوصاً وأن الأعمال الميدانية قد انطلقت وما يجري حالياً هو ربط المنصّة بخطوط النقل لاستخراج الغاز خلال فترة زمنية، لا تتعدى الأشهر الثلاثة، وبالتالي وكما سبق وأعلنت الشركة اليونانية، في بيانها الرسمي منذ أشهر، فإن الإستثمار في الغاز سيبدأ في أواخر العام الحالي.
وفي الإنتظار، تقول المصادر النيابية نفسها، إن الخيارات الديبلوماسية، هي في طور البحث والنقاش حتى وصول هوكشتاين إلى المنطقة، واستعادة الطرح الذي كان تقدم به سابقاً وتحديداً في شباط الماضي، والذي لم يتمّ الإعلان عن طبيعته بعد. وتشير المصادر نفسها إلى أن الوسيط الأميركي قد أعلن أنه لم يغير اقتراحاته السابقة، وأصرّ على تجاهل الخطوط المقترحة فوق سطح البحر ليتحدث عن طريقة رسمها تحت الماء بما يتماشى وأشكال الحقول المكتشفة مبدئياً، من دون تحديد هذه الحقول.
وترفض المصادر النيابية نفسها، الدخول في أية سيناريوهات أو توقعات حول المشهد الجنوبي، لجهة ملامسة التوتر الخطوط الحمر، مشيرةً إلى أن الوقت اليوم ما زال للديبلوماسية الأميركية وإن كانت منحازة إلى «إسرائيل»، وموضحةً إلى أن زيارة هوكشتاين ستشكل نقطة فاصلة بين مرحلتين، وما قبلها لن يكون كما بعدها.