IMLebanon

موقف “حزب الله” من طرح هوكشتاين

 

يؤكد «حزب الله»، بالنسبة الى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، أنّه «ليس معنيّاً لا بالترسيم ولا بالمفاوضات»، على رغم أنّه كان قد علّق على سير هذه المفاوضات للمرة الاولى علناً، في أواخر شباط المنصرم، ما اعتُبر أنّه استهداف لرئاسة الجمهورية، إذ إنّ موقفه تزامن مع الحملة التي أُطلقت ضدّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لأنّه «تراجعَ عن الخط 29 وبالتالي تنازل عن حقوق لبنان». وعبّر عن موقف «الحزب» كلّ من رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي وصف الوسيط الأميركي في المفاوضات آموس هوكشتاين بالـ»ثعلب»، فيما اعتبر عضو الكتلة النائب حسين الحاج حسن أنّ هوكشتاين «وسيط غير نزيه». ورفض «الحزب» ما اعتبره «دفتر شروط مقابل السماح للبنان باستخراج غازه»، مؤكداً «أنّنا سنُبقي غازنا مدفوناً الى أن نمنع إسرائيل من التنقيب في مياهنا».

تسلّم عون، الأسبوع الماضي، من سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا الاقتراح الأميركي الخطّي بالنسبة الى الترسيم، والذي كان قد عرضه عليه هوكشتاين في 9 شباط المنصرم. في ذلك الاجتماع، أكد عون للوسيط الأميركي أنّ «لبنان يتمسّك بـ»حقل قانا» كاملاً». من جهته، طرح هوكشتاين حلاً يعتمد الخط 23 وليس الخط 1 أو 29 أو «هوف»، واقترح اعتماد صيغة تقضي بأن يعود «حقل قانا» للبنان ويصبح له واقع استثماري محدّد، بحيث لا يجري تقاسم بين لبنان واسرائيل إذا تبيّن أنّ هناك تداخلاً تحت المياه بين هذا الحقل وحقل آخر، بل تكون هناك شركات تتفاوض في ما بينها، أي «كونسورتيوم» الشركات المكلّف من لبنان وشركة حيادية من قِبل الأميركيين. وفي حين لم يكن هذا الطرح واضحاً وطلب عون من هوكشتاين تقديمه خطياً، جرى توضيح هذه النقطة في الاقتراح الخطي الذي تسلّمه رئيس الجمهورية أخيراً.

وعمّا يُقال عن أنّ الاقتراح يسلخ جزءا من حقل «قانا» من لبنان ويُعطيه لاسرائيل، توضح مصادر مطّلعة على الطرح الأميركي أنّه يقضي بأن تعمل شركات (التي يحددها لبنان وأخرى تحددها واشنطن) وليس إسرائيل، على جزء من الحقل، إذا وافق لبنان على ذلك. وتقول: «هذا لا يعني أنّنا سنوافق على ذلك، هوكشتاين قدّم اقتراحاً، وقد نوافق عليه جزئياً أو نطلب تعديله».

ولتحديد موقف لبنان من اقتراح الوسيط الأميركي، جرى تشكيل لجنة تقنية استشارية غير معنية بالمفاوضات مباشرةً، إنّما مهمتها درس بعض النقاط في هذا الاقتراح، خصوصاً ما يتعلّق بالنواحي التقنية والقانونية والعسكرية. وتضمّ هذه اللجنة ممثّلين عن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزارة الخارجية وهيئة قطاع النفط والجيش وخبير قانوني. وبعد انتهاء اللجنة من درس هذه النقاط تقدّم تقريرها الى عون، ليبحث فيه بدوره مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري «إذا رغب الأخير في ذلك»، بحسب مصادر قريبة من عون، وعندها يُتخذ القرار بشأن الاقتراح يُبلّغ الى الجانب الأميركي، علماً أنّ بري و»حزب الله» رفضا مشاركة ممثلين عنهما في هذه اللجنة، وذلك لا يعني بحسب المصادر القريبة من عون، اعتراضاً على مسار المفاوضات أو أداء عون، بل لأنّ «بري يعتبر أنّ الملف عند الرئيس ولا يريد أن يتعاطى به». أمّا «حزب الله» فيعتبر أنّ هذا الملف شأن الدولة ولا يُمكنه أن يشارك فيه كـ»مقاومة».

وتقول المصادر القريبة من عون: «الرئيس لم يوافق على شيء بعد لكي يعارضوه، فاللجنة لم تنهِ درس الاقتراح، وبالتالي إنّ أي موقف هو استباقي». وتؤكد أنّ «هذا الاقتراح لا يزال حتى الآن طرحاً أميركياً فقط وليس أميركياً – اسرائيلياً». وإذ تشير الى أنّ «الرئيس لم يقل كلمته بعد ولم يوافق على الاقتراح أو لا لكي يُستهدف»، تعتبر أنّ «كلّ المواقف التي تصدر في هذا الإطار سياسية»، مذكرةً بأنّ رئيس الجمهورية هو من يفاوض لكن القرار النهائي يجري التفاهم عليه مع رئيس الحكومة ومجلس الوزراء ثمّ مجلس النواب.

وبالنسبة الى اعتبار البعض أنّ التخلي عن الخط 29 جعل الأميركيين يقتطعون باقتراحهم جزءاً من «حقل قانا»، تؤكد المصادر نفسها أنّ «الأميركيين عملوا منذ الأساس على الخط الدولي الذي اعترف به لبنان عام 2011 وهو الخط 23، والذي قسّمه هوف، ونحن لم نقبل بهذا التقسيم، ونريده أن يكون خطاً مستقيماً، أمّا «التعرج» فيجب أن ندرس ماذا سنحصل مقابله».

وفي حين رأى البعض أنّ «حزب الله» عبّر عن موقفه من الترسيم لكي «يُسمعه الى الرئيس» ويوصل رسالة بأنّه غير راضٍ على هذا المسار، يؤكد «الحزب» أنّ «الرئيس لم يكن ولن يكون في دائرة الاستهداف»، موضحاً أنّ «كلام رعد كان ضد الوسيط الأميركي لأنّ الأميركي يقوم بإملاءات وضغوطات على لبنان، ولا سجال أو خلاف بيننا وبين الرئاسة». ويشدّد «الحزب» على «موقفنا الواضح، وهو أنّ غازنا ونفطنا ملكنا، وهذا ما قاله رعد لم يكن وارداً أن يستهدف به رئيس الجمهورية».

ويوضح «الحزب» أنّه حريص على ألّا يدخل في موضوع الترسيم، معتبراً أنّ هذا شأن الدولة، وذلك لـ»أنّنا نعتبر أنّ هذه فلسطين المحتلة وليست اسرائيل، ونحن كمقاومة لا يُمكننا أن ننخرط في مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع العدو. وليست قضيتنا موضوع الترسيم. هذا الملف موجود الآن في يد الدولة.

وحين يُطرح الاقتراح الأميركي ويحين وقت إعطاء جواب لبنان عليه، ويُعرض هذا الجواب على مجلس الوزراء أو مجلس النواب، حينها نقول موقفنا منه». وعلى رغم أنّ «الحزب» ليس لديه موقف الآن تجاه الطرح الأميركي، إلّا أنّه يشير الى أنّ لديه موقفا مسبقا من الترسيم عامةً، وهو أنّ «لا شيء اسمه حقول مشتركة أو شركات مشتركة أو تعاون وتقاسم الثروة، وكلّ ما يُمكن أن يُشتمّ منه أنّه تطبيع أو شبه تطبيع، نحن ضده. ولا نعترف الّا بما هو «ترسيم» و»حدود»، وفي هذا الإطار يكون لنا كلام نقوله في مكان آخر». هذا «الموقف المسبق» يقرأ فيه البعض «نسفاً لطرح هوكشتاين، وبالتالي نسفاً لعمل اللجنة المشكّلة لدرسه».