«تصويب ولو كان متأخراً للموقف الرسمي». هذه هي خلاصة الاجتماع الرئاسي الذي عقد أمس في القصر الجمهوري، بمشاركة الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، بعد ثلاثة اجتماعات عقدتها اللجنة التقنية المُكلفة دراسة اقتراح الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين لترسيم الحدود البحرية، والتي أكد أعضاؤها «استحالة القبول بالمقترح لأنه لا يستند إلى أطر قانونية ويُعدّ تنازلاً عن حق لبنان في مياهه وثروته النفطية»، وفي مقابل الضغط الأميركي على المُمسكين بالملف لإعطاء جواب أخير على المقترح على قاعدة «take it or leave it».
أبرز ما قرره اللقاء الرئاسي أمس هو العودة إلى «اتفاق الإطار». حيث دعا الرؤساء في بيان «الولايات المتحدة الأميركية إلى الاستمرار في جهودها لاستكمال المفاوضات وفقاً لاتفاق الإطار بما يحفظ مصلحة لبنان العليا والاستقرار في المنطقة».
وبحسب المعلومات «تلى الاجتماع الثلاثي، اجتماع آخر مع اللجنة المؤلفة من ممثلين عن رئاستي الجمهورية والحكومة وقيادة الجيش (مصلحة الهيدروغرافيا) وهيئة إدارة قطاع البترول، وجرى عرض نتائج ما توصلت إليه دراسة المقترح». وبحسب الأجواء المُسربة، يبدو لبنان الرسمي مربكاً، أولاً «بسبب الخلاف الداخلي على إدارة الملف، في ظل اعتراض بري وحزب الله على اقتراح هوكشتين، إذ إنهما لم يُشاركا في اللجنة»، فضلاً عن وقوع المسؤولين بين فكّين: عدم القدرة على رفض طرح الوسيط الأميركي بشكل حاسم وإبلاغه بهذا الرفض بسبب الحاجة إلى الأميركيين في ملف الكهرباء، علماً أن الإدارة الأميركية تستخدمه للضغط على لبنان.
وكانت لافتة أمس تغريدة النائب السابق أمل أبو زيد، على حسابه عبر «تويتر»، إذ أوضح بأن «الرد اللبناني على اقتراح الوسيط الأميركي حول ترسيم الحدود البحرية محور تشاور رئاسي»، معتبراً أن «ربط استجرار الطاقة والغاز إلى لبنان بالموافقة على اقتراح الوسيط غير جائز كي لا نقول مرفوضاً ومردوداً».
أعضاء الوفد العسكري – التقني قد لا يقبلون بالمشاركة في المفاوضات لتمسكهم بالخط 29
وتناول الاجتماع العنوان المتعلق بـ «الشعور بالإحراج من قبول المقترح في ظل حملات التخوين التي تتحدث عن تنازل لبنان عن حقوقه». وأخذت «حيزاً واسعاً من النقاش خلال الاجتماع»، لكن المسؤولين اللبنانيين قرروا بدلاً من اتخاذ قرارات تدفع العدو الإسرائيلي للرجوع إلى المفاوضات، العودة إلى اتفاق الإطار الذي يحدد آلية التفاوض. علماً أن «رئيس الجمهورية كان طيلة الفترة السابقة يحاول منفرداً الوصول مع الأميركيين إلى تسوية في ما خص ملف الترسيم».
وعلمت «الأخبار» أن «بري اشترط العودة إلى اتفاق الإطار لحضور الاجتماع الرئاسي»، وقال مقربون منه إن «اتفاق الإطار هو المخرج المنطقي والسليم لذا عادوا ليتبنوه مجدداً، بعدَ أن ثبُت بأن المزايدات في الملف لن تجدي نفعاً وبأن استثمار الملف لم يحقق فائدة شخصية». أما المعترضون على طريقة تعامل الدولة مع الملف فيعتبرون أن «البيان هروب من مواجهة هوكشتين، بالقول إن هناك اتفاقاً سبقَ أن وافق الجميع عليه فلنعُد ونلتزم به».
هل يعني موقف لبنان استئناف المفاوضات غير المباشرة في الناقورة، والتي استُبدِلت بجولات هوكشتين المكوكية بين بيروت و «تل أبيب»؟
بحسب المعلومات فإن «الاجتماع أكد ضرورة العودة إلى طاولة الناقورة كما نص اتفاق الإطار، وذلك بعدَ موافقة الأميركيين والإسرائيليين. لأن الجولات المكوكية حصلت بعد تعليق جولات التفاوض في الناقورة، وفي حال تجاوب الوسيط الأميركي والعدو الإسرائيلي مع الدعوة اللبنانية فقد تستأنف المفاوضات من جديد حيث سيؤكد لبنان حقه بلا زيادة أو نقصان». وعلم أيضاً أنه سيكون «هناك تغيير في تركيبة الوفد اللبناني، خصوصاً بعدما أحيل العميد الركن بسام ياسين على التقاعد، وربما يجري توسيعه ليضم مزيداً من التقنيين أو ممثلين عن عدد من الجهات المعنية، لكن الأمر لا يزال مدار بحث».
بينما أشار مقربون من الوفد العسكري – التقني إلى أن أعضاءه قد لا يقبلون بالمشاركة مجدداً، خاصة أنهم متمسكون بوجهة نظرهم في ما يتعلق بالخط ٢٩. واعتبر مطلعون على ملف الترسيم أن «الملف فُرمِل، وسيوضع على الرف حالياً بسبب التطورات في المنطقة والعالم».1