IMLebanon

هوكشتاين ترك «المفتاح» عند ترامب؟

 

التصعيد الحربي الإسرائيلي، لا يمكن فصله عن ما يتردد حول مسودة لوقف مزعوم لإطلاق النار في لبنان، لأن العدو سبق وأعلن أكثر من مرة، أن المفاوضات مع لبنان ستكون تحت النار، ووفق الشروط التي «تضمن الأمن لسكان اسرائيل».

والمشروع المتداول لوقف النار، تم إعداده من الجانب الإسرائيلي، ومناقشته إقتصرت. في واشنطن على مساعدي الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وبعض المعنيين في إدارة الرئيس الحالي بايدن، دون أدنى مشاركة، أو مجرد إطلاع مسبق من جانب لبنان، البلد المعني مباشرة بمصير هذه الحرب وتداعياتها.

 

تم إعداد المشروع المطروح بخبث السياسة الإسرائيلية الماكرة، حيث أصر نتنياهو على تضمينه بنداً يتيح للدولة العبرية الدخول إلى المناطق اللبنانية، جواً وبراً وبحراً، والرقابة على النشاطات اليومية، والتأكد من عزوف حزب لله عن إعادة بناء بنيته العسكرية، مما يعني الإطاحة بكل مبادئ  السيادة والإستقلال، فضلاً عن ما يعني ذلك في السياسة، من وصاية إسرائيلية مباشرة على الأجواء اللبنانية، وإمكانية توجيه ضربة عسكرية لكل هدف مشكوك بأمره، دون الرجوع لقوات اليونيفيل.

تم «حشر» هذا البند في مسودة الإتفاق لوقف النار، حتى يرفضه لبنان، وتتعطل المفاوضات، ويتم تحميل الجانب اللبناني، بشكل طبيعي، مسؤولية تعطيل وقف النار، أمام الرأي العام العالمي.

 

ليس مضموناً أن الزيارة المرتقبة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت وتل أبيب، ستؤدي إلى فكفكة العقد التي تحيط بالمسودة المتداولة، لأن نتنياهو مصمم على الإستمرار في هذه الحرب الى النهاية، حفاظاً على إئتلافه الحكومي من جهة، ووصولاً إلى مقارعة إيران. وضرب مشروعها النووي، من جهة أخرى.

تلك المعطيات تفرض على لبنان الإستعداد، ولو بالقدر الأدنى، لمواجهة تطورات هذه الحرب الشرسة، على مختلف الصعد الإنسانية والبشرية والإجتماعية والإقتصادية، لفترة قد تطول أسابيعاً أو أشهراً، مما يتطلب إستنفار الطاقات المحلية، والعلاقات الخارجية، لمواجهة هذا التمادي في الإعتداءات الوحشية ضد البشر والحجر، على مرآى من العالم أجمع.

إن إستنفار الطاقات المحلية يتطلب حركة سياسية ديناميكية، وطنية بإمتياز، وبعيدة كل البعد، عن روتين الخلافات التقليدية، الحزبية والسياسية، لتقريب المواقف وتوحيد الكلمة، لا سيما في ظل هذا الموقف الوطني الواحد، الرافض لتنصيب العدو الإسرائيلي وصياً أمنياً على البلد، والمتمسك بتنفيذ القرار ١٧٠١ بكل مندرجاته، على أن تتوفر الضمانات اللازمة لإلتزام العدو الإسرائيلي بعدم تكرار خروقاته اليومية في الجو والبحر.

ومن الطبيعي أن تكون المؤسسة العسكرية وقيادتها، شريكة في المشاورات الجارية حول آلية تنفيذ القرار الأممي، خاصة وأن ثمة توافقات خارجية على تكليف الجيش اللبناني بالمهمات الأمنية في الجنوب اللبناني، وحصر وجود السلاح جنوبي الليطاني مع الجيش وقوات اليونيفيل. أما ما يُقال حول أهمية النقاش مع القيادة السياسية فقط، فهو كلام من نوع دفن الرؤوس في الرمال، والتقليل من أهمية دور الجيش في هذه المرحلة الخطرة، وذلك لحسابات أصحابها الضيقة، والتي لها علاقة بالإنتخابات الرئاسية، وحظوظ قائد الجيش المتقدمة على غيره في الوصول إلى قصر الرئاسة.

وفي السياق نفسه، لا بد من الحذر من محاولات الإيقاع بين الجيش وأطراف سياسية أخرى، وخاصة بيئة المقاومة، السياسية والشعبية، بمجموعة من الإشاعات المغرضة، والذرائع  الوهمية، بهدف ضعضعة الجبهة الداخلية، وإضعاف الموقف اللبناني في مفاوضات وقف الحرب.

ويمكن توظيف مقررات قمة الدول العربية والإسلامية في الرياض، التي أكدت دعم الموقف اللبناني، وطالبت بوقف العدوان فوراً على لبنان وغزة، في إطار الحملة الديبلوماسية الخارجية، لإستقطاب المزيد من التأييد الدولي للموقف اللبناني، والذهاب إلى الأمم المتحدة متسلحين بدعم عربي وإسلامي ودولي واسع، وذلك من خلال التنسيق الوثيق مع اللجنة الوزارية المنبثقة عن مؤتمر الرياض، برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فرحان بن فيصل، الذي شدد على المطالب السعودية  بوقف الحروب في المنطقة.

ويبقى السؤال الذي يشغل بال اللبنانيين في الداخل والخارج على السواء:

هل ستؤدي كل هذه الجهود إلى وقف الحرب البغيضة خلال الأيام المقبلة؟

الجواب لا يحتاج إلى الكثير من العناء: القرار الأول والأخير في واشنطن، لأنها تملك «مفتاح» الحرب والسلم في تل أبيب!

ويبدو أن هوكشتاين قادم إلى بيروت وتل أبيب تاركاً «مفتاح» الحل بين يدي ترامب، بإنتظار ما سيعود به من جولته بين لبنان وإسرائيل!