على وقع القصف الفوسفوري “الاسرائيلي” على بلدة الوزاني الجنوبية بعد ظهر أمس، والتصعيد المتواصل وعمليات الاغتيال بالطائرات المسيّرة، واستهداف الأرواح والمنازل في القرى الحدودية، وما يتبعها من اعتداءات وتهديدات يومية باجتياح برّي للبنان في الربيع او مطلع الصيف، والى ما هنالك من مواقف يتسابق عليها المسؤولون “الاسرائيليون”، يصل الموفد الاميركي آموس هوكشتاين اليوم الى بيروت، اي بالتزامن مع رسائل العدو الاسرائيلي الامنية والعسكرية الى واشنطن، التي تزيد من ضغطها على “إسرائيل” للتوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار، تحت عنوان “هدنة رمضان”، التي اشار اليها هوكشتاين قبل فترة وجيزة. ويأتي ذلك أيضاً مع الاستفزاز الذي تقوم به إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن، لرئيس الوزراء “الاسرائيلي” بنيامين نتنياهو، عبر دعمها للوزير في حكومته بيني غانتس، الذي نال النسبة الشعبية الكبرى في استطلاعات الرأي.
الى ذلك، ووفق المعلومات فزيارة هوكشتاين مغايرة هذه المرة، اذ في الجَعبة طروحات لحل سيعمل على جعله أرضية تفاوضية ترضي الطرفين، بحسب ما تشير المصادر المواكبة لما يقوم به في المنطقة، لانّ اللغة الديبلوماسية وعلى الرغم من صعوبة نجاحها، ستؤدي دورها هذه المرة خصوصاً بعد صدور كلام عن مسؤولين اميركيين كبار، بأن إدارة البيت الابيض تتخوف من احتمال لعملية برّية “إسرائيلية” للبنان في حال فشلت الجهود الديبلوماسية.
وتأتي هذه المفاوضات مع اقتراب بدء شهر رمضان، والهدف التوصل الى هدنة قبل بدء الشهر المبارك، على ان تستمر ستة اسابيع، بدأت تحمل في طياتها بعض التفاؤل، وهذا ما بدا في كلام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي أشار الى المساعي والاتصالات التي يقوم بها للوصول الى تهدئة، وعن حديث جدّي في هذا الاطار سنشهده خلال الاسبوع الجاري، من خلال وقف العمليات العسكرية في غزة تحت عنوان “تفاهم رمضان”، واكد أن وقف القتال في القطاع سيطلق المفاوضات حول التهدئة في لبنان، وتوقع محادثات لتحقيق استقرار طويل الأمد في الجنوب، بمجرد التوصل إلى اتفاق غزة، وأعلن عن ثقته بأنّ حزب الله سيوقف إطلاق النار إذا فعلت “إسرائيل” الشيء عينه، وابدى تفاؤلاً بزيارة هوكشتاين الى بيروت اليوم، حيث سيلتقي الى جانب ميقاتي رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون.
وتقول المعلومات انّ كلام ميقاتي لم يأت من عدم، بل من خلال اللقاء الذي جمعه مع هوكشتاين في مؤتمر ميونيخ، حيث نقل له رسائل أميركية جديدة حول استمرار الضغوط من قبل واشنطن على “الإسرائيليين”، لمنعهم من التصعيد وتوسيع الحرب. وقد كانت الرسائل مطمئنة نسبياً للبنان، الذي اعتبر أن كل التصعيد والتهويل من قبل “الإسرائيليين” هو للاستهلاك الداخلي فقط، وان “تل أبيب” لا تعتزم شن حرب كبرى.
وعلى الخط التفاوضي المنتظر اليوم، اشارت المعلومات ايضا الى أنّ برّي سيكون المفاوض الاكبر في المهمة، للوصول الى حل في الجنوب اللبناني يُرضي حزب الله اولاً، مع التشديد على رفض اي شرط “اسرائيلي” لا يوافق عليه الحزب، لانه لن يسلّم ورقة التهدئة جنوباً ما لم يحصل على ضمانات أولاً، من ناحية وقف الاعتداءات “الاسرائيلية” اليومية على القرى الجنوبية، وصولاً الى حل نقاط الخلاف البرّي التي يصرّ لبنان الرسمي على أن تشمل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
وفي السياق، تلفت مصادر مواكبة لزيارة هوكشتاين في المنطقة، الى انّ العدو الاسرائيلي متعطش لوقف إطلاق النار، على غير ما يظهره من خلال تهديداته المتكرّرة، اذ يبحث عن مخرج يوفره له الموفد الاميركي، انطلاقاً من حل متفق عليه بينهما، لان اميركا تبحث اليوم عن حل، وسط الشروط “الاسرائيلية” التي وضعت سابقاً ، وحملت معها مصاعب عديدة لحكومة نتنياهو.