الحزب غير معني بأيّ إجابة… وفرنسا تنضمّ “للهمروجة الديبلوماسيّة”
بزيارة مفاجئة وعشية 15 آب، الموعد المحدد لمفاوضات الدوحة التي ستبحث في قطر بمسألة وقف اطلاق النار في غزة وتبادل الاسرى ، حط الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين امس في بيروت مستهلا زيارته من عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكان الحديث الابرز لهوكشتاين في مقر الرئاسة الثانية. فالرجل الديبلوماسي العامل على خط اميركا- “تل ابيب”- بيروت تقصّد ،وهي من المرات القلائل، التصريح من عين التينة مطلقا سلسلة مواقف لافتة، لعل ابرزها الحديث عن ان “الصفقة في غزة ستفتح الباب لحل ديبلوماسي لا يزال ممكنا في لبنان، لا بل فان الوقت حان للحلول الديبلوماسية لاسيما ان امد الازمة بين حزب الله و”اسرائيل” طال “. واكثر من ذلك قال علنا : “ارسلني الرئيس بايدن في محاولة لبذل جهود اضافية ولا تزال ممكنة، لحل ديبلوماسي عشية مفاوضات الدوحة”.
المعلومات من مصادر موثوقة مطلعة على جو اجتماعات هوكشتاين كشفت ان لا مبادرة تحدث عنها الوسيط الاميركي، انما هدف الزيارة الاساس هو نقل رسالة للمعنيين اللبنانيين بما تعمل عليه الولايات المتحدة لانجاح مفاوضات الدوحة. وانطلاقا من هنا، اكد على مسمع كل من بري وميقاتي ومن التقاهم، ان اميركا تعمل لوقف الحرب على غزة، وهي تعول على مفاوضات الدوحة، آملا في اعطاء فرصة لهذه المفاوضات، وبالتالي تجنب التصعيد المرتقب عبر رد حزب الله المتوقع والحتمي على اغتيال الحاج فؤاد شكر.
واشارت المصادر نفسها الى ان الموفد الاميركي ابلغ المسؤولين اللبنانيين بان الرئيس الاميركي بايدن اوفده لمواكبة محادثات الدوحة، واميركا تعتقد ان هذه المفاوضات ستكون جدية هذه المرة، كما انها “قد تكون الفرصة الاخيرة “، لذا فواشنطن تمارس ضغطا جديا على كل الاطراف المعنية بمن فيها “اسرائيل”، لضرورة خروج المفاوضات بنتائج ايجابية من شأنها ان تمهد لوقف اطلاق النار بغزة، وبالتالي حل ديبلوماسي للوضع جنوب لبنان.
من هنا، انطلق هوكشتاين ليطلب من حزب الله عبر الرئيس بري تحديدا “وقفا موقتا” للتصعيد المحتمل في الوقت الراهن، بغية اعطاء مفاوضات الدوحة فرصة ، لانه في حال رد حزب الله او ايران قبل موعد المفاوضات، فهذا الامر سيؤثر سلبا على كل مسار التفاوض، وسيؤدي حتما الى تصعيد بالمنطقة لا يريده اي طرف، بحسب ما نقلت المصادر عن هوكشتاين.
هذه بصراحة كانت رسالة الموفد الاميركي التي نقلها للمعنيين في لبنان ، لكن السؤال الذي يجب ان يطرح هو التالي : ما موقف حزب الله من طرح او طلب هوكشتاين؟ هل يستجيب الحزب ويعطي فرصة لمفاوضات الدوحة؟ او ان لا ثقة بالاميركي الذي وان اراد وقفا فعليا للنار، يمكنه وقف تسليح “اسرائيل”؟
اوساط بارزة مطلعة على جو حزب الله اجابت: “بالتأكيد حزب الله لم يعط اي جواب حاسم عبر الرئيس بري للموفد الاميركي، وهو اصلا يعتبر نفسه غير معني باعطاء اي اجابة على ما يطرحه هوكشتاين”. لكن بالمقابل تحرص الاوساط على الاشارة الى “ان الموقف الاساسي لحزب الله منذ 8 اكتوبر معروف ، وسبق لامينه العام ان قاله في كل اطلالة، ومفاده ان جبهة الجنوب هي جبهة اسناد لغزة، وهدفها الاساسي الضغط على “اسرائيل” لوقف عدوانها على غزة ، وهذه الجبهة تتوقف لحظة وقف العدوان على غزة”. وتكمل الاوساط “بالنسبة لحزب الله ان جبهة غزة هي المفتاح الوحيد لوقف التصعيد في الشرق الاوسط”.
هذا الكلام يؤشر بمنطق تحليلي ، الى ان الحزب الغير راغب اصلا بالتصعيد، والمنفتح اساسا على اي طرح من شأنه وقف العدوان على غزة، قد يعطي فرصة لمحادثات الدوحة، لكنه يدرك مسبقا بان من “جرّب المجرّب كان عقلو مخرّب “، كما يقول مصدر متابع لجو “الثنائي الشيعي” الذي يضيف : “لو ارادت الولايات المتحدة وقفا للحرب على غزة، لكانت اوقفت تسليح “اسرائيل”، كما ان المفاوضات المرتقبة في الدوحة تحمل رقم 7 ، اي هي المفاوضات التي تجرى لسابع مرة دون نتيجة ملموسة” ، اضف الى ذلك بحسب المصدر “فمن يريد انجاح المفاوضات لا يرتكب مجزرة قبيل موعد التفاوض بايام ، فنتانياهو يستفيد راهنا من الفراغ بالادارة الاميركية قبيل انتخابات الرئاسة، وهو بات متحكما باللعبة في الولايات المتحدة لا العكس”.
ويضيف المصدر المشكك بجدية نجاح مفاوضات الدوحة : “فلننتظر نتيجة محادثات الدوحة التي ستكون على مدى يومين ، لكن هذه “الهمروجة الديبلوماسية” كلها قد يكون هدفها الاساسي تجنب رد حزب الله كما ايران، وهذا هو الامر الوحيد الاكيد بانه غير مضمون، لان رد حزب الله آت لا محالة مهما طال الانتظار، حتى لو اعطى الحزب فرصة لمحادثات الدوحة، وابدى حسن نية تجاه رغبته بعدم التصعيد اذا تم التوصل لوقف لاطلاق النار في غزة.
وفي هذا السياق ، وخلافا لما نشرعن لقاء جمع امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله برئيس مجلس النواب نبيه بري ، حيث تمت مناقشة مختلف الاوضاع الراهنة وبنود ما كان يعمل عليه هوكشتاين بشأن جبهة الجنوب، فالمعلومات تؤكد ان اي اجتماع لم يعقد حديثا بين السيد نصر الله وبري، ولو ان التواصل بين الطرفين قائم ودائم…
على اي حال، وبانتظار مفاوضات الدوحة وما قد تخلص له، فالاكيد ان لا جديد حمله هوكشتاين الذي التقى ايضا نواب بالمعارضة، الذين لم يسمعوا من الوسيط الاميركي الا ترداد ما كان يقوله سابقا ، عن ان واشنطن تعمل وتضغط لوقف الحرب. وقد خرج هؤلاء النواب بانطباع بان ما تحاول اظهاره الولايات المتحدة انها لا تزال موجودة، وستستمر بالعمل وبذل الجهود لوقف الحرب.
وفي اطار “الهمروجة الديبلوماسية” التي تزدحم بها الساحة اللبنانية هذه الايام، خوفا من الرد المتوقع لحزب الله وتجنبا للتصعيد من بعده، افادت المعلومات ان فرنسا ستنضم للجهود الاميركية ، بحيث من المتوقع ان يصل وزير خارجيتها ستيفان سيجورنيه اليوم الى بيروت، بزيارة خاطفة تستمر لساعات قليلة، يعقد خلالها لقاءات مع المسؤولين، على ان يغادر بعدها وفي اليوم نفسه عائدا الى باريس.