مع دخول حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة يومها السادس والثلاثين، ووسط كلام عن هدنة لا تزال حتى اللحظة مجرد كلام ، يواصل الميدان تسجيل مواجهات شرسة قد تنذر باتساع رقعة الحرب وانزلاق الأمور نحو الأسوأ. وفيما يشهد العالم العربي حراكاً سياسياً ودولياً في محاولة لتهدئة الاوضاع وايجاد حل للأزمة في غزة، فقد ارتفعت وتيرة المساعي الديبلوماسية في الشرق الأوسط، وتوجهت معها كل الانظار الى العاصمة السعودية الرياض التي ستشهد اليوم السبت على انعقاد القمة العربية الطارئة والقمة الإسلامية الاستثنائية للخروج بموقف موحد ازاء وجوب وقف النار في غزة وضرورة التدخل الإغاثي السريع لمواجهة الكارثة الإنسانية والاجتماعية في القطاع…
وبانتظار ما قد تسفر عنه قمتا الرياض، لا تزال الامور مفتوحة على الاحتمالات كافة منها اتساع دائرة المواجهات وتحويلها الى حرب اقليمية على وقع التصريح الخطير لوزير الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان الذي اعلن بالساعات الماضية ان توسيع نطاق الحرب أصبح أمرا لا مفر منه نظرا لتزايد حدة الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة.
تصريح عبد اللهيان يأتي عشية انشداد العالم بأسره باتجاه الضاحية الجنوبية التي ستشهد اليوم على خطاب هو الثاني لامين عام حزب الله السيد حسن نصر الله منذ 7 اوكتوبر، ولكن توقيته ومناسبته كانتا محددتين اصلا مسبقا، وفي هذا السياق تكشف مصادر متابعة للديار بان التوجه العام لخطاب السيد اليوم سيكون مشابها لخطاب الثالث من تشرين الثاني لكن مع تصعيد يشمل رفع سقف التهدديات للعدو الاسرائيلي ولا سيما بعد مجزرة عيناثا التي ذهب ضحيتها 3 اطفال بعمر الورود.فهذه الجريمة، بحسب المصادر، لن تمر مرور الكرام في كلمة نصر الله اليوم علما ان احدا لا يمكن له ان يتوقع ما قد يكون السيد قد اعده لسقف الكلام.
هذه التطورات كانت سبقتها زيارة لافتة للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الذي وصل على وجه السرعة وبشكل مفاجئ قبل 3 ايام الى بيروت، موفدا من الرئيس الاميركي جو بايدن، زيارة قرأت فيها اوساط بارزة مطلعة على جو اللقاءات التي عقدها هوكشتاين على الاراضي اللبنانية ، أنها تشكل بحد ذاتها أهمية سواء في الشكل او المضمون والتوقيت. وتشرح الاوساط بان ايفاد هوكشتاين من قبل بايدن شخصيا يؤكد على ان لبنان ليس منسيا انما في حسابات الخارج من حيث الشكل اما في المضمون فتكتسب الزيارة اهمية بالغة لجهة المحاولات الاميركية التي تجهد لتوجيه الرسائل الى لبنان من أجل الضغط على حزب الله لعدم توسيع دائرة الحرب وتحويلها الى إقليمية.
وتشير الاوساط الى أن الوسيط الذي لعب دورا بارزا بملف ترسيم الحدود البحرية، اتى في محاولة منه لضمان عدم تطيير هذا الانجاز عبر العمل على حث المعنيين وحلفاء حزب الله على وجوب عدم اتساع الحرب في المنطقة لان ذلك سيعني تدمير كل ما تحقق، وهذه الرسالة حرص هوكشتاين على ايصالها لحزب الله عبر من اجتمع بهم من المسؤولين اللبنانيين.
اكثر من ذلك تكشف مصادر خاصة للديار ، بعض كواليس ما حكي في المحادثات التي اجراها هوكشتاين في بيروت ، لتؤكد انه خلافا لكل ما قيل فالموفد الرئاسي الاميركي لم يتطرق بنقاشاته لملف الاسرى بين حماس واسرائيل ، وهو حصر نقاشاته بوجوب الالتزام بتطبيق القرار 1701 والعمل على عدم جر لبنان لحرب شاملة.
وفي هذا السياق ، تكشف المصادر بان من التقاهم هوكشتاين طالبوا الوسيط الاميركي بالضغط على اسرائيل لوقف محاولاتها جر لبنان لحرب والعمل على وقف العدوان على غزة ، وهنا عمد احدهم الى سؤال هوكشتاين عن سبب قصف اسرائيل للسيارة التي كانت على طريق عيناثا الجنوبية حيث اوقعت 3 شهداء من المدنيين ابرياء فاتى الجواب الاميركي على قاعدة : “اسرائيل تقول ان هذا الامر حصل عن طريق الخطأ” ، ما فهم منه محاولة اميركية للحث باتجاه عدم التصعيد والتبرير لاسرائيل بان ما حدث كان عن طريق الخطأ ، وفي هذا الكلام فهم المسؤولون اللبنانيون بان الولايات المتحدة “لجمت ” اسرائيل بعد حادثة عيناثا ادراكا منها بان استمرارها على هذا النحو بارتكاب المجازر بحق المدنيين سيجر حتما حزب الله الى التصعيد على قاعدة “مدني مقابل مدني” بعدما كان امين عام حزب الله قد قالها علنا في خطابه يوم الثالث من نوفمبر.
وعلمت الديار بان كل المسؤولين اللبنانيين الذين اجتمعوا بهوكشتاين من الرئيس بري كما الرئيس ميقاتي ونائب رئيس مجلس النواب واللواء عباس ابراهيم طالبوه بالضغط من قبل اميركا على اسرائيل لوقف عدوانها على غزة ، وقد طرح بوصعب بحسب المعلومات على مسمع هوكشتاين انه في حال لا تريد الولايات المتحدة القيام باي عمل لوقف الحرب في غزة فلتعمل عندها على عقد مؤتمر اقليمي للسلام لحل مسالة القضية الفلسطينية.
اما ما حكي عن ان موضوع التمديد لقائد الجيش حوزاف عون قد طرحه واستفسر عنه هوكشتاين خلال محادثاته في لبنان، فتؤكد مصادر مطلعة على جو لقاءاته بان هذا الامر لم نسمعه منه حتى ان بعض المسؤولين هم الذين بادروا لجس النبض الاميركي حيال هذا الامر الا ان جواب هوكشتاين كان باللا تعليق ، ما فهم بان هذا الموضوع لم يكن مدرجا اصلا على اجندة هوكشتاين.
وعلمت الديار من مصادر موثوقة بان البعض تطرق مع هوكشتاين لملف الترسيم حيث بادر بوصعب بسؤال الوسيط الاميركي عن سبب وقف عمل توتال في البلوك رقم 9 وتوقيت الاعلان عن انها لم تعثر على غاز في هذا البلوك ، واللافت كان رد هوكشتاين الذي كشف بان توتال ستقوم بعملية حفر ثانية في البلوك رقم 9 من دون تحديد موعد الحفر الثاني