تزامنت زيارة المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين إلى لبنان, في وقت وصلت فيه المواجهة المحتدمة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، منذ قيام حركة حماس بعملية طوفان الأقصى في السابع من شهر تشرين الاول الماضي،الى حال من التدهور، تنذر بالانفلات نحو حرب مفتوحة وواسعة النطاق، يصعب معها التكهن بنهايتها وتداعياتها على لبنان وإسرائيل، وباتت تتطلب التحرك السريع سياسيا,لتطويق مايحصل وتهدئة الوضع واعادة اطلاق مسار مفاوضات ترسيم الحدود الجنوبية المعلقة منذ ما قبل اندلاع المواجهات العسكرية بين الطرفين.
استند هوكشتاين في وساطته مع لبنان وحزب الله،إلى الموقف الاسرائيلي الداعي لسلوك النافذة الديبلوماسية المتبقية حسب قول المسؤولين الإسرائيليين، لحل مشكلة التصعيد العسكري الحاصل بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود اللبنانية الجنوبية, بعدما باءت لغة التهديدات الإسرائيلية المتواصلة ضد الحزب ولبنان بالفشل، ومنح المستشار الرئاسي الاميركي حافزا للتوسط لتهدئة الاوضاع ضمن ترتيبات معينة، تؤدي الى إنهاء التوتر والاشتباكات المتواصلة، وتساهم في عودة سكان المستوطنات الإسرائيليين إلى منازلهم في المناطق المواجهة للحدود اللبنانية.
وفي المقابل تلقف هوكشتاين موقف الامين العام لحزب الله حسن نصرالله الاخير، بدعوته إلى اعتبار المواجهات الحاصلة بانها تشكل فرصة لتحرير آخر شبر من الاراضي اللبنانية المحتلة، واعتبره منطلقا ملائما للتوسط في مهمته الجديدة بين الطرفين، وتوظيف بوادر الرغبات بالحل السياسي منطلقا للتوصل الى تسوية تنهي الوضع المتردي على الحدود اللبنانية الجنوبية لم يرفض حزب الله وساطة هوكشتاين لتهدئة الوضع المتفاقم مع إسرائيل، وان كانت هذه المرة، خارج مواصفات مهمته الاساس بترسيم الحدود, بعد تبدل التوقعات والحسابات في الميدان,وتحول المواجهة الى حرب استنزاف،فاقت خسائرها بالشهداء اضعاف خسائر جيش الاحتلال الإسرائيلي، واضرارها بتهجير المواطنين من الشريط الحدودي واتلاف الاراضي الزراعية, والبنية الاقصادية عموما،مايوازي ماسببته عمليات «اشغال» جيش الاحتلال وتهجير سكان المستوطنات الإسرائيليين من مناطق تواجدهم الى داخل الاراضيالفلسطينيةالمحتلة.
قدم هوكشتاين الافكار والطروحات التي كان سبق وناقشها مع رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو قبل قدومه الى لبنان، لتكون منطلقا لحل مشكلة المواجهات العسكرية المحتدمة على الحدود اللبنانية الجنوبية، وارساء تسوية دائمة للاوضاع هناك, بعد حل الخلاف الحاصل على النقاط المتبقية لترسيم الحدود بشكل نهائي.
لم يبدِ اي مسؤول لبناني،أكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري او رئيس الحكومة نجيب ميقاتي،اي موقف مما حمله هوكشتاين من افكار ومقترحات حتى الان، بينما يقف الحزب ألذي تسلم هذه الافكار بالواسطة، متريثاً خلف الدولة اللبنانية، وياخذ منها مايفيد مشروعه الاقليمي، ويصب في صالح نفوذه وبقاء سلاحه خارج سيطرة الدولة والقانون, ويحمل المسؤولين اللبنانيين نتائجها في النهاية.
بعد مضي يومين على مهمة المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين، يبدو ان كل الاطراف،من لبنان إلى حزب الله وإسرائيل،بحاجة إلى مهمته, ومتمسك بها في الوقت الحاضر، برغم وجود تحفظات اواعتراضات ما, على هذه الفكرة او تلك، لغياب اي تحرك دولي مماثل غيره على هذا المستوى والفاعلية، ولان بديل الوساطة والتهدئة والتوصل إلى تسوية, الانجرار الى حرب واسعة، ليست في مصلحة احد,بينما يبقى تحديد المواقف النهائية منها،مرتبط امابمنحى الحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزة وتداعياتها السياسية والعسكرية، اوبالمشاغلات الحاصلة بين اذرع ايران مع المواقع والقواعد الأمريكية بالمنطقة.