منذ زيارة نائب وزير الخارجيّة الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكستاين الى بيروت مطلع الشهر الجاري وملفّ الغاز والنفط يأخذ طريقه الى مفاوضات مكوكية بعيدة عن الأضواء بين الأطراف اللبنانية المعنية والوسيط الأميركي.
وتأتي زيارة هوكستاين بعد تجميد الاميركيين للمفاوضات في شأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل بعد أن أعلنت تل أبيب أنّ النقاط بين 1 و23 هي ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة في ما قال لبنان إن المياه من النقطة 23 بالاتجاه شمالا هي له. وتقدّر المساحة المتنازع عليها بـ870 كيلومتراً مربعاً وتقع كلها في المنطقة الاقتصادية الخالصة الخاصة بلبنان، ولا يمكن للبنان بدء التنقيب فيها.
وبعد انّ شدد هوكستاين في زيارته الى بيروت على ضرورة إصدار المراسيم النفطية ركّز في محادثاته على مسألة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.
ويبدو بأنّ هذه الزيارة كانت من «أنجح الزيارات التي قام بها الموفد الأميركي الى لبنان» بحسب مصادر لبنانية واكبت تفاصيل محادثاته، لأنّ هوكستاين سمع موقفا لبنانيا موحّدا في ما يخصّ توحيد النّظرة لكيفيّة إيجاد الحلول لهذه المشكلة مع إسرائيل ولسواها من القضايا الخلافيّة. وقد وعد هوكستاين بأنه سيعرض نتيجة زيارته الى بيروت مع الإسرائيليين ثم يعود الى الولايات المتّحدة الأميركية لوضع خريطة طريق للحلول المطروحة.
وعلمت «السفير» بأن إحدى القضايا التي تطرّق إليها هوكستاين تتعلّق بالمسح الثلاثي الأبعاد، إذ أن جزءا من «البلوكات» النفطية ممسوحة بالطريقة الثلاثية الأبعاد، في حين أن جزءا منها (تحديدا الواقعة على طول الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة) ممسوحة بالطريقة الثنائية الأبعاد لأسباب مختلفة وسيتمّ معالجة هذا الموضوع أيضا حيث وعد المسؤول الأميركي من التقاهم في بيروت بالحصول على جواب اسرائيلي.
يقول هوكستاين في اتصال أجرته معه «السفير» إنه في زيارته الأخيرة الى لبنان وأثناء لقاءات مع مسؤولين لبنانيين وصفهم بـ «المفاتيح» تطرّق بشكل جدي الى إمكانية ترسيم خطّ بحري فاصل مع إسرائيل، وناقش إمكانية إيجاد السبل للدفع بالمفاوضات الجارية في هذا الشأن قدما».
لكنّ هوكستاين لم يحمل اقتراحا جديدا في ما يتعلّق بالخلاف الحدودي القائم مكتفيا بحث الأطراف على التقدّم بالمفاوضات.
وردا على سؤال عما اذا كانت الولايات المتّحدة الأميركية ما زالت متمسّكة باقتراح سلفه الأميركي فريدريك هوف الذي قدّمه قبل عامين والقاضي بإعطاء لبنان مساحة 468 كلم مربعاً من المساحة المتنازع عليها على أن تحتفظ إسرائيل بمساحة 392 كلم مربعاً، قال هوكستاين «إنّ أية اتفاقية تتيح للبنان وإسرائيل التقدم في تطوير الإفادة من الثروة النفطية البحرية تصبّ في مصلحتهما، وتساعد على استقرار الاقتصاد وعلى زيادة منسوب الأمن في المنطقة، وتقوم الولايات المتحدة الأميركية بكلّ ما في وسعها للوصول الى هذه النتيجة».
وهل تخشى الولايات المتّحدة الأميركية أن تؤدي أية خطوة من جانب واحد من قبل الاسرائيليين الى ردة فعل يمكن أن تهدد الاستقرار الاقليمي، خصوصا أن «حزب الله» كان قد أعلن سابقا أنه سيبادر الى الرد على أي اعتداء اسرائيلي على ثروة لبنان النفطية؟ يجيب هوكستاين: «أعتقد أن هذا النزاع لا يجب أن يتصاعد بشكل يمنع أيّ طرف من الطرفين الإفادة من الثروات البحرية الكامنة في المناطق المتنازع عليها، ونحن نبذل الجهود المتواصلة لإيجاد حلّ عادل يتيح التطوّر الاقتصادي واستمرارية الازدهار».
وعن تحدثه في زيارة له قبل سنة عن تقدّم حصل في ما يخصّ النزاع الحدودي مع إسرائيل ثمّ ما تلا ذلك من معلومات بأن الوساطة الأميركية توقفت في هذا الخصوص وهل سيعاود استئنافها، يقول هوكستاين لـ «السفير» إنه تطرق الى هذا الموضوع «في نقاشات مكثّفة مع لبنان وإسرائيل على مدى أكثر من عامين، وبرأي الولايات المتّحدة، فأن التوصّل الى اتفاق في هذا الشأن هو خطوة متقدّمة لنشر الأمن والاستقرار على صعيد الإقليم ولزيادة الاستقرار الاقتصادي وزيادة الفرص للبنان وإسرائيل سويّا».
أضاف هوكستاين: «سنتابع جهودنا بغية التوصل الى أن يخطو لبنان وإسرائيل قدما في الإفادة من الموارد الهيدروكاربونية (البترول والغاز والسائل المكثف) الموجودة في البحر».