من خلال المعطياتِ المجمَّعة منذ أول من أمس الخميس، أنَّ محرِّكات الأنتخابات الرئاسية بدأ تشغيلها الواحد تلو الآخر، سواء من خارج لبنان أو من الداخل، وسواء بالتحركات أو بالمواقف.
***
الرئيس سعد الحريري ناقَشَ مع رئيس الدبلوماسية الفرنسية الجهود التي يبذلها من أجل انتخاب رئيس جديد، كما أطلعه على المشاورات اللاحقة التي سيقوم بها، سواء داخل لبنان أو خارجه.
الحرصُ الفرنسي لا يقتصر على مناقشة الجهود التي تُبذل من أجل ملء الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، بل يتوسَّع لحماية لبنان على المستوى المالي والإقتصادي، وانطلاقاً من هذا المعطى فإن الإدارة الفرنسية تُحضِّر لاجتماعٍ في باريس لدعم لبنان في الشهر المقبل.
وفي المحصِّلة سيكون الرئيس سعد الحريري في بيروت بعد هذه المشاورات، والأسبوع المقبل شبه حاسمٍ في ما يتعلَّق بانتخابات الرئاسة، فإما يحدد الرئيس الحريري الموقف من خلال اجتماع كتلة المستقبل الذي سيترأسه شخصياً، وإما يكون عبر طريقة أخرى.
الرئيس الحريري، في هذه الخطوات المرتقبة، يُقدِّم المضمون على الشكل، إذ الذي يتطلَّع إليه هو:
إتفاقُ الطائف ووجوب استكمال تطبيقه. المحكمةُ الدولية ووجوب مواصلة تمويلها لتصل إلى كشف الحقيقة. القرار 1701 ووجوب التمسك به والمحافظة عليه. سياسة النأي بالنفس التي تُبعد لبنان عن سياسة المحاور. أما الأمور الداخلية فبالإمكان مناقشتها كقانون الإنتخابات النيابية وغيره.
***
في موازاة حركة الرئيس الحريري، تشهدُ الرابية حركةً مكثفة، كما تشهد إطلاق إشارات في كل الإتجاهات ومن أبرزها ما يُنقَل عن العماد ميشال عون بأن استراتيجيته تقوم على:
التفاهم، الإعتدال، الشراكة، الميثاقية. وهو أثبتَ أنَّه منفتحٌ على الجميع من دون استثناء.
***
وما جعل محرِّكات الرئاسة تعمل بقوةٍ كبيرة حيوية الحوار بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، والإعلامي مرسال غانم في برنامجه كلام الناس، صحيح أن المناسبة كانت في الذكرى السادسة والعشرين ل 13 تشرين الأول 1990، لكنها توسَّعت لتشمل السنوات الست إلى الأمام، خصوصاً أنَّ التوقيت يأتي قبل أسبوع من انكشاف كل الأوراق الرئاسية.
الوزير باسيل اعتمد دبلوماسية الإعتدال والتواصل مع الجميع من دون استثناء، صحيحٌ أنَّ أسئلة المحاوِر، الأستاذ مرسال غانم، جاءت كالعادة صاعقة ومباشرة ومن شأنها أن تُفاجئ الضيف، لكن رئيس الدبلوماسية اللبنانية تعمَّد ألا يقطع مع أحد، خصوصاً مع حليف الحليف.
وفي موازاة الإعتدال والدماثة، كان حاداً وصارماً في المبادئ بدليل قوله:
قد يصيب اليأس العالم كُله، لكن لن يصيب العماد عون ولا نحن، ليس في موضوع الرئاسة بل الجمهورية، حتى ليبدو للجميع أنَّ التيار ما بعد ليلة الخميس ليس كما قبله.
***
حتى زعيم المختارة النائب وليد جنبلاط قام بسلسلة تغريدات يظهر من خلالها أنَّ الأمورَ اقتربت من خواتيمها. رئيس اللقاء الديمقراطي بات خبيراً في هذا المجال، والجميع ينتظر تغريداته التي أصبحت بمثابة استطلاع ميداني، بدليل أن ما غرَّد به يُعطي انطباعاً بأنَّ الأمور اقتربت من أن تكون وصلت إلى خواتيمها، ولكن ليس بالسرعة المرتجاه.
وفي ما يشبه التحذير، يقول جنبلاط:
كفانا جدل بيزنطي من هنا وهناك حول كيفية انتخاب الرئيس. وكفانا سلال فارغة وأوهام بأن لبنان في جدول أولويات الدول، هناك فوضى عالمية عارمة لذلك التسوية الداخلية أياً كان ثمنها تبقى أقل كلفة من الإنتظار، فالتسوية السياسية في انتخاب رئيس أهم من فوائد قصيرة المدى في اغراءات آنية قد تكون مضرة على المدى الطويل.
***
بين الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل، هناك كيمياء تناغم، ربما لأن الرجلين يحملان الهاجس ذاته، فهل تظهرُ مفاعيلَ هذه الكيمياء الأسبوع المقبل؟
الرئيس سعد الحريري بات خبيراً في النَفَس الطويل، يقابله ميشال عون عِماد الحلم الكبير.