IMLebanon

عطلتا الفصح والفطر بلا فرح… فأجواء الخوف مسيطرة

 

الحرب تضرب قطاع السياحة في الصميم

 

 

تسأل سناء- ك وهي مغتربة تعيش في دبي عبر حسابها على منصة x إذا كانت هناك مخاطرة في مجيئها الى لبنان لقضاء عطلة الفصح مع ذويها، بسبب الأحداث الجارية في الجنوب والتهديدات الإسرائيلية اليومية بشنّ حرب على لبنان. فجاءت الردود غير حاسمة لجهة تشجيعها على المجيء في ظلّ طبول الحرب التي تقرع بين «حزب الله» وإسرائيل. حال سناء كحال عشرات بل مئات المغتربين اللبنانيين والسيّاح العرب، الذين يريدون زيارة لبنان لتمضية فرص الأعياد على جري عادتهم، لكنهم يخافون حصول أي تطوّر أمني كبير يؤدي الى إقفال المطار. علماً أن التجربة أثبتت أن معظم اللبنانيين يحرصون على زيارة بلدهم، وتفقّد عائلاتهم مهما كانت الأوضاع. هذا السيناريو عشناه خلال عيدي الميلاد ورأس السنة الماضيين، ومن المتوقّع أن يتكرّر خلال عيدي الفصح والفطر المقبلين. وأحد أبرز المؤشرات على تكرار هذا السيناريو هو ما أعلنته نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر منذ الأسبوع الثاني لشهر آذار، بأن «حجوزات اللبنانيين تظهر أنها واعدة خلال فترة الأعياد المُقبلة أي في عيدي الفصح والفطر»، وذلك على الرغم من التصعيد جنوباً واتّساع رقعة الغارات التي وصلت إلى البقاع.

 

وفي جولة على فنادق بيروت، يرجّح المسؤولون فيها أن يزور لبنان سيّاح عراقيون ومصريون بالرغم من الأوضاع الأمنية (ليس بأعداد كبيرة هذا العام).

 

لا وضوح بعد

 

من جهته، يوضح رئيس اتحاد النقابات السياحية ونقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر لـ»نداء الوطن» أن «صورة الإشغال في الفنادق لا تزال غير واضحة الى اليوم، علماً أن حجوزات مكاتب السفر كاملة وكبيرة لكن الآتين لتمضية الأعياد بغالبيتهم مغتربون تستقرّ عائلاتهم في بيروت، وبالتالي لن يحجزوا في الفنادق»، مشيراً الى أنه «لو أن العطلة طويلة لكانت ساهمت في زيادة الحركة السياحية، لكن فترة العيد هذا العام قصيرة ولذلك يمكن أن يحصل نشاط في قطاع تأجير السيارات والمطاعم والمقاهي والملاهي ومناطق التزلج، لكن فنادق بيروت لن تشهد نشاطاً كبيراً، إذ غالباً ما يزور لبنان في عيد الفطر سيّاح عراقيون وأردنيون».

 

ويختم: «هناك خوف من إقفال المطار، ونحن نعلم أن لا منفذ لنا سواه، وهذا ما يخيف الناس ويردعهم عن المجيء الى لبنان. لكن يمكن أن تتغيّر الظروف في حال حصول هدنة ووقف لإطلاق النار».

 

إحتمالات التصعيد

 

من جهته، يلفت الأمين العام لاتحاد النّقابات السّياحيّة في لبنان جان بيروتي لـ»نداء الوطن» أن «هناك احتمالات تصعيد أمني في لبنان بشكل يومي وتهديدات إسرائيلية مستمرّة بشنّ حرب علينا، وفي ظل هذه الأجواء لا يمكن لأي سائح عربي أو أجنبي القدوم الى لبنان»، جازماً بأن «من سيأتي الى لبنان هم المغتربون الذين يملكون منازل وسيارات، وبالتالي لن يشغلوا القطاع الفندقي وقطاع تأجير السيارات، بل سيتكرر سيناريو عيدي الميلاد ورأس السنة الفائت أي حركة في المطاعم فقط. عطلة الفطر لن تكون طويلة، ونحن نفتقر الى السائح الذي سيأتي الى لبنان من أوروبا وأميركا، ومن لديه التزامات في الخارج ينتابه القلق من زيارة لبنان خوفاً من وقوع أي عدوان إسرائيلي».

 

يؤكد بيروتي أن «القطاع السياحي تكبّد منذ بداية أحداث غزة الى اليوم نحو ملياري دولار، علماً أنّه ضخّ في الاقتصاد اللبناني العام الماضي 6 مليارات دولار. نحن في جمود كلي منذ ما يقارب الستة أشهر، ونسبة التشغيل في قطاع تأجير السيارات ما دون الـ20 بالمئة، وفي قطاع الفنادق ما دون الـ10 بالمئة وخارج بيروت 5 وصفر».

 

ويختم: «أنا لا أستطيع النقاش حول جدوى الحرب أم لا، ولكن أقول إن انعكاساتها على الاقتصاد الوطني باتت مكلفة جداً».

 

نقابة أصحاب المطاعم

 

واصدر رئيس «نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري» طوني الرامي بياناً بعنوان «حرب في الوطن وابتسامة في المطاعم ولكن…»، جاء فيه: «بعد تراكم الأزمات في السنوات الماضية، استعادت السياحة بريقها العام الماضي وكان موسماً صيفياً كاملاً عملنا فيه ككل القطاعات السياحية لمدة 70 يوماً واستطعنا استرداد موقع لبنان على الخارطة السياحية العالمية، من دون تعويضات ولا تحفيزات ولا إصلاحات ولا قروض وأموال محجوزة ولا بدلات تأمين (بعد إنفجار المرفأ) ولا كهرباء وعدم وجود خطط إنقاذية وإعفائية. فالنجاح يعود الى الذين لم يستسلموا لكل هذه الظروف وظلّوا بقوّتهم وايمانهم يتحدون باللحم الحي أمواج الأزمات العاتية ونجحوا بالوصول إلى برّ الأمان».

 

واضاف: «ولا يمكن أن ننسى عمالنا وشركاءنا في الانتاج وأساس نجاح المؤسسات السياحية الذين صمدوا معنا أو أولئك الذين عادوا من الخارج واستعادوا وظائفهم بعدما خلقت السياحة 15 ألف فرصة عمل في الموسم الماضي. أحسنت نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان، إدارة الأزمة من كل الجوانب خصوصاً في صيف الـ2022 عندما كانت رأس الحربة في دولرة قطاعها وكانت السباقة في القطاع الخاص وأدخلت الدولار إلى المؤسسات – بدلًا من دخولها إلى جيوب الصرافين- وعززت موظفيها».

 

وأكد ان نجاح الموسم السياحي الصيفي امتد إلى شهر أيلول حيث كنا نتوقع انخفاضاً يتخطى الـ50% إلا أنه لم يتعدّ الـ30% ما يدل على ان الزخم (momentum) السياحي استمرّ رغم دخولنا في موسم الركود. و بعد صيف ممتاز كنا نتطلّع لمحاولة النمو، حتى تاريخ 7 تشرين الأول 2023 التي انعكست احداثه على لبنان فجاء وقعه علينا «كالساطور»، فشهدت المطاعم انخفاضاً دراماتيكياً بسبب «نقزة» الحرب والعامل النفسي، دخلنا للأسف في وضع «الحرب واقتصاد الحرب»، ونحن اليوم في صلبه، والواقع مؤلم جدّاً على الدورة السياحية كلّها.

 

وتابع قائلا: وعندما حصلت الهدنة لأول مرة وبالتزامن مع الأعياد الشتوية، أخذ قطاع السياحة جرعة أوكسيجين لمدة 8 أيام لكنها لم تكن على قدر التطلعات وغير كافية… وانعكست المواجهات على الدورة السياحية برمّتها:

 

هذه هي المؤشرات بالتفصيل

 

– مكاتب السياحة والسفر مكبّلة اليدين غير قادرة على طرح رزم سياحية (incoming & outgoing) بسبب القلق في الداخل والحظر في الخارج.

 

– أما مكاتب إيجار السيارات فتعمل بنسبة 10%، من أصل 8000 سيارة هناك 800 سيارة مستأجرة من قبل الجمعيات غير الحكومية المحلية والعالمية (NGO).

 

– بالنسبة إلى الفنادق والشقق المفروشة وبيوت الضيافة، لا يتخطى اشغالها 10-15%.

 

– بينما الأدلاء السياحيون عاطلون عن العمل ويتابعون نشرات الأخبار على شاشات التلفزة في منازلهم.

 

– من ناحية المطاعم والمقاهي والملاهي الليلية والباتيسري، فهناك حوالى 100 من العلامات التجارية الأكثر طلباً ورواجاً هي التي تعمل بشكل مستمرّ وهذا يعتبر طبعاً مؤشراً ايجابياً. فالفئات العمرية الكبيرة تخرج إلى المطاعم يوم الاجازات فقط وأغلبها يقصد المطاعم اللبنانية، أما الفئات العمرية الشبابية الميسورة فتخرج تكراراً الى المطاعم الرائجة والشبابية وهذا ما يعطي انطباعاً أن القطاع كله بخير، إلا انه شهد اقفالًا وصل إلى 50%، حيث انخفض عدد المؤسسات من 8500 إلى 4500.

 

– لاحظنا مؤخراً فورة في فتح المؤسسات المطعمية، ويعود سببه إلى استياء الأفراد من جمع أموالهم في المنازل لأنهم غير قادرين على ايداعها في المصارف فيقومون باستثمارات في القطاع المطعمي، إلا أنهم يصطدمون بواقع الأكلاف التشغيلية الباهظة والكلفة المرتفعة للمواد الأولية ذات الجودة، فتعود هذه المؤسسات إلى الاغلاق، بسبب قلة الخبرة عند البعض. هذه الدورة الصغيرة من الاستثمارات لا تكبّر سوق العمل بل تجعل منه دورة مغلقة. فمن كل 10 مؤسسات جديدة في السوق يبقى منها 3 من أصحاب الخبرات الذين ينجحون ويبدعون ويزدهرون في هذا المجال أو يبقى من العلامات التجارية التي هي أصلًا موجودة في السوق لذلك نرى إن الاستثمارات في قطاع الطعام والشراب يحتاج إلى تروٍّ ودراسة سوق واستشارات خاصة وخلفية علمية ومهنية.

 

– لا يمكن ان نضع أي تصوّر للموسم السياحي الصيفي لأننا نعيش «يوم بيوم» ولا نعرف ما اذا كانت ستتوسع دائرة الحرب، فالسائح الأوروبي الذي يحجز مسبقاً الرزمة السياحية لن يضع لبنان في حساباته والمغترب اللبناني في البلاد البعيدة (long distance) سينكفئ عن المجيء والمغترب (last minute planner) في دول الخليج سيمضي أياماً قليلة لزيارة العائلة ثم يعود ليغادر إلى وجهة أخرى أكثر أماناً.

 

– أمامنا فترة تجريبية لعيدي الفطر السعيد والفصح المجيد ستكون بمثابة تجربة مصغرة، فإذا حصلت حركة أقلّه من المغتربين يمكننا أن نتأمل خيراً للصيف.