Site icon IMLebanon

عطلة الأعياد..وعطلة السياسة المحلّية

 

السياسة المحلّية هي إلى حد كبير في عطلة. عطلة سابقة بعض الشيء على عطلة الأعياد، ولعلّها تستمرّ وقتاً أطول من مدة عطلة الأعياد. لا يلغي هذا أنّ ثمة مشكلة عالقة جديدة على خط العلاقة بين رئيسَي الجمهورية والبرلمان، وأنها مشكلة أعادت فتح «نقاش دستوري» حول الصلاحيات والأطر، ممتزجاً بحسابات وظرفيات سياسية. لكن هذه المشكلة، التي تقلل من «الطابع الوفاقي» لمؤسسة الحكم اللبنانية الذي ساد في الشهر الأخير، إلا أنها من النوع الذي يجمّد التوتر فيه عند نقطة معينة، وليست من النوع التفجيري، بل ليست من النوع الاستقطابي. بل ان البلد ككل، يعيش مناخ ابتعاد عن الاستقطابات ومناخاتها، غير مسبوق بهذا الشكل منذ فترة طويلة، ولو انه في نفس الوقت مناخ حسابات «حجمية» وتحالفية يُجريها كل فريق، مع اقتراب الموعد المزمع للاستحقاق الانتخابي العتيد.

ينتهي العام، رغم كل شيء، بهدوء على الصعيد المحلي. هدوء له حدوده طبعاً، وله ابعاده المختلفة ايضاً: فهو من ناحية، «هدوء» من بعد إرهاق، وإرهاق من بعد جملة اجواء محمومة، ومجموعة خيبات ومكابرات وشطحات غير محسوبة. وهو من ناحية ثانية، «هدوء» يجد صعوبة في تحديد طبيعة الحياة السياسية الداخلية، تحديداً منذ العمل العسكري في جرود عرسال وبعلبك الى اليوم، و«هدوء» يجدّ على المقلب الآخر لشق طريق «النأي بالنفس»، وهي طريق يتوقف المضي بها على اعادة اكتشاف المفهوم المتكامل للسيادة الوطنية، فلا يعود فريق يركز على بعد منها، والفريق الآخر على البعد الآخر، فيكون المزيد من الاستتباع لحركة هذا وذاك في الاقليم. وهو ايضاً «هدوء» الترقّب. ترقّب ان يقترب «أكثر» وقت الانتخابات، و«ترقّب» شيء من الوضوح في السياسات الدولية والاقليمية المؤثرة على الاوضاع اللبنانية.

هل يعني هدوء الترقّب أنه هدوء ما قبل العاصفة؟ أو هي بداية لسبات شتوي قد يمتد حتى الموسم الانتخابي نفسه؟ السؤال برسم الاسابيع المقبلة، بطبيعة الحال. لكن، الترقّب هنا هو دولي الى حد كبير. فإذا كان عام 2017 هو عام «حرتقات» دونالد ترامب هناك وهناك، دون الحد الأدنى من الترابط في الخطوات، فإن العام 2018 يضع مصير رئاسة ترامب نفسه على المحك. يصعب التخيل ان التحقيقات الامنية والقضائية بحقه ستتوقف عند نقطة معينة، لا تتجاوزها، بمثل ما انه من الصعب تماماً تطبيق حالة «ووترغيت» على حالة ترامب وعلاقات فريقه الانتخابي مع الروس.

الأوضاع الدولية بعامة، كما الشرق أوسطية بالتحديد، تُغري بمتابعة حثيثة أكثر، لكن ايضاً «باصطفافية» أقلّ في الداخل اللبناني، الى ان يتبدّل الظرف. يُفترض ان يسمح هذا بتسويغ كل ما من شأنه تخفيض التوترات على كافة المستويات الداخلية الممكنة، لكنه يفترض ايضاً التصرف حيال التناقضات المعتملة في الداخل على انها عميقة وحقيقية، وأنها ليست فقط تناقضات بين فرقاء سياسيين، بل هي ايضاً تناقض بين جزء متزايد من المجتمع يميل أكثر فأكثر الى هجران السياسة، والمتابعة السياسية، وربما أكثر من اي لحظة سابقة في تاريخ البلد، في مقابل جزء آخر لا يزال يحاول ان يتعرف في اوضاعنا الحالية، على اصطفافات بعضها من الزمن الماضي، ومعظمها، او كلها بالاجمال، لم تعد من الزمن الحاضر. اتجاه الناس لفضّ يدها ونظرتها من السياسة يصير محسوساً أكثر فأكثر. مكابرة الحياة السياسية على هذا الميل المتزايد هو شكل لتكلّسها كحياة سياسية. مناخ «التعطيل» السياسي الحالي يعكس الى حد كبير هذه المشكلة.