كنّا قد التزمنا الصمت ولم نتعرّض بحرف لأجواء التفاؤل التي جرى توزيعها بـ «القناطير» على الشّعب اللبناني عن «الحكومة العيديّة»، لقناعتنا الشخصيّة أنّها أجواء مزيّفة وجدّاً، ولم يستغرق الوقت أكثر من 72 ساعة لـ «ينفخت دفّ ويتفرّق عشّاق» الثلث المعطّل..أمّا «همروجة» الأمس التي تدّعي تقليد تظاهرات «السترات الصفراء» الفرنسية فقد غلبت عليها الوجوه المقنّعة والملثّمة التي جاءت من بعلبك لتحتجّ في بيروت، وهذا يعني أنّ وراء الأقنعة ما وراءها، وما من خفيّ إلا سيظهر!
لم نتطرّق بحرف للوعود الكاذبة بمواعيد مضروبة لإعلان تشكيلة الحكومة، لأنّنا على يقين أنّ حزب الله يمارس التكاذب على حليفه الاستراتيجي «العهد» وتيّاره وكلّ الكلام عن عدم ممانعته بأن يحوز رئيس الجمهورية وتياره الثلث المعطّل، هذا «تكاذب» فاقع جدّاً، فالثلث المعطّل بالإكراه في حكومة «اتفاق الدوحة» تلطّى فيها حزب الله وراء التيّار الوطني الحرّ لغاية في نفسٍ خبيثة، وهذا التلطّي لتركيب المشكل وتظهيره بصورة «مسيحيّة ـ سُنيّة»، حتى لا يقال «الشيعة» أطاحوا برئيس الوزراء «السُنّي»!
يُشبه واقع «الثلث المعطّل» الذي يريده الوزير جبران باسيل وبشدّة، ويمنعه عنه حزب الله بنفس الشدّة، يشبه المثل القائل «على هامان يا فرعون»، نحن نشهد صراعاً مكتوماً بين حزب الله الذي فرض نفسه مسيطراً على لبنان منذ انقلابه على حكومة الرئيس فؤاد السنيورة واستخدامه كلّ حلفائه في ذلك الاعتصام البغيض لإسقاطها في الشارع، وقد «استدوق» التيار الوطني الحرّ طعمة الثلث المعطّل وأصابته خيلاء «وان واي تيكت» فاعتقد أنّ حزب الله لا مانع لديه من وضع الثلث المعطّل بيده مجدّداً، لكن الحقيقة ـ التي يجب أن يكون العهد وتياره قد فهمها ـ أنّ حزب الله «يستخدم» حلفاءه فقط لمصلحته ومصلحة إيران، استخدمهم عندما كانوا بحاجة للاستقواء بسلاحه، فيما هو كان بحاجة إلى غطائهم اللبناني الذي منحه «شرعيّة» لا يحلم بها، أمّا أن يفكّر حلفاؤه أن «يستخدموه» بحيازة ثلث معطّل لمصلحتهم، فهذا صعب التحقّق، مهما ردّد الحزب بـ «تكاذبه» غير ذلك!
مجدّداً، نؤكّد على قناعتنا التامّة، أن لا حكومة ستتشكل، وأنّ التعطيل مستمرٌ بلا هوادة، وأغلب ظنّنا أن حزب الله لن يُـمانع في تفعيل اجتماعات حكومة تصريف الأعمال متى احتاجت مصلحته ذلك، بل نذهب إلى أبعد من ذلك، حراك «القمصان الصفر» المشبوه سينفلت من عقاله في لحظة ما محدثاً خضّة أمنية في البلد، سيكون الجميع مجبراً معها إلى إطلاق الدعوات لاجتماع حكومة تصريف الأعمال للضرورة…
وأغلب ظنّنا بخصوص الحليفيْن الاستراتيجيّيْن، أنّ حزب الله لا يريد للحكومة أن تتشكّل إلا متى استطاع وضع يده بالكامل عليها، وهو مكتفٍ حتى الآن بالتعطيل وبألف حجّة وحجّة، ثمّة واقع إيراني ضاغط على حزب الله، وأنّ رئيس التيّار الوطني الحرّ وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال يفكّر فقط في مصالحه وعلى مستوييْن، الأوّل أنّ يطبق يده على «خوانيق» الحكومة العتيدة لشلِّ التسوية التي أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهوريّة، والثاني، أنّ عين جبران باسيل على «الجمهوريّة» كلّها، وهنا نقول إنّنا لا نخفي شماتتنا بالحليفيْن الاستراتيجيّيْن، وأغلب ظنّنا أنّ من انقلب على تفاهم معراب الذي يحمل توقيعه، لن يتردّد في ابتلاع «ورقة التفاهم» متى انتفتْ مصلحته منها!
مجدّداً، وضع المنطقة بالكاد يسمح بتفعيل اجتماع حكومة تصريف الأعمال، أمّا عن هرطقة التظاهرات الصفراء، فاطمئنّوا هذا البلد لا يستطيع فيه أحد إسقاط أحد في الشارع، أتركوا النّاس تعيّد أعيادها، وضبضبوا «زعرانكم» المقنّعين من شوارعنا!