Site icon IMLebanon

هولاند لا يحمل فانوساً سحريّاً!

اليوم يوم لقاء الأم الحنون والإبن الضال، أو الإبن المخطوف منذ دهر، والممنوع من انتخاب رئيس للجمهوريّة لأسباب لا تزال مجهولة الأهداف، ومجهولة الفاعل.

اليوم يستقبل لبنان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في زيارة ليست عابرة، ولا تحمل وصفة الدواء الشافي، بقدر ما هي تهدف الى التأكيد للبنانيّين بمجموع طوائفهم وانتماءاتهم اهتمام فرنسا، حكماً وشعباً، بهذا اللبنان الذي كان يوماً زينة المشرق، وجسر الوصال بين الشرق والغرب.

بدورهم، الراسخون في العلم والإلمام بأبعاد أزمة الفراغ الرئاسي وتعطيل الدولة ومؤسّساتها، والأغراض، والأبعاد والنيّات، لا يعلِّقون كبير أهميَّة على الزيارة المرحَّب بها، لأنهم يعرفون الطمرة وما فيها…

فهولاند المحبّ للبنان، والراغبة دولته في انتشاله من جبِّ الأفاعي، لا يمون على مصادر قرار الافراج و”التحرير”، ولا يحمل فانوساً سحريَّاً، ولا “إشارة” من “الباب العالي” في طهران.

إنّما من الطبيعي أن يكون الترحيب على قدر المحبَّة. مهما كان لباريس من نفوذ، وأيّاً تكن ثمار الزيارة الهولاندية، فان اللبنانيّين بأكثريّتهم يقدَّرون هذه الخطوة، وهذه النخوة من لُدُنِ مربط خيلنا أيّام زمان.

وخصوصاً، أذا ما قورنت بالصلافة، والفوقيَّة، واللامبالاة التي يُعامل بها لبنان في محنته الرئاسيَّة التي انقلبت محنة وطنيَّة مصيريَّة، تثير قلقاً جديّاً.

أَجَل، لا يحنُّ على العود إلاّ قشره. وإذا أضفنا أنه لا يحن على لبنان إلاّ فرنسا، من الزاوية السياسيّة والكيانيّة و”النظاميّة”، لا نكون نبالغ ولا نكون ارتكبنا خطأً مميتاً.

فباريس لا تزال تهتم، من كل قلبها وربّها، بلبنان الواحد، ومصيره. أيَّاً تكن حالات هذا اللبنان، وأيّاً تكن ظروف هذه الفرنسا، بل هذه الأم مهما جفَّ ضرعها.

الأشقاء القريبون كما البعيدون، الأصدقاء الدوليّون كأميركا مثلاً، يكتفون بذرف بضع كلمات من عيون الإنشاء والجفاف العاطفي، أو التعاطفي، حين يطرح موضوع “وطن الفراغ”…

وهنا يجب تكرار التذكير بأن هولاند آتٍ ليؤكِّد لمن يهمّهم الأمر أن للبنان منزلة خاصة لدى الدولة الأوروبيَّة التي لا تزال تلملم جروح اعتداءات الارهاب والتطرُّف.

في كل حال، لا الرئيس الفرنسي يدَّعي ان زيارته ستشيل الزير من البير. ولا اللبنانيّون المهضومون جداً يتوقعون المنَّ والسلوى يتساقطان عليهم فجأة كتلك الغيمة التي مرَّت فوق بغداد ولم تمطر، فضحك منها هارون الرشيد حتى انتشى.

انها زيارة تضامن بمعنى ما. أو زيارة تشجيع على الصمود. وربما لتبليغ اللبنانيّين أن عليهم أن يُقلّعوا شوكهم بأيديهم.

قال أبو مُضَر: فتشبَّهوا إنْ لم تكونوا مثلهم، إن التشبّه بالكرام فلاحُ.