ليست هذه فرنسا ولا هكذا تكون الاختبارات، فلقد كان من المضحك تماماً اعلان فرنسوا هولاند أنه يعتبر ان زيارة لوران فابيوس لايران ستشكّل اختباراً لطهران، ولكن كيف؟
هولاند يقول “ان فابيوس هو فرنسا والطريقة التي سيستقبل بها ستكون بالنسبة الينا منطلقاً لتقويم التصرف الايراني”، لكن طهران استقبلته بطريقتين، رسمياً على مستوى الحكومة وبالتنديد عبر المتشددين الذين تظاهروا وحملوا على فرنسا.
وبغض النظر عن قراءة هولاند للاستقبال، من المضحك امتحان صدقية ايران وانفتاحها بعد الاتفاق النووي من خلال الطريقة التي تستقبل بها فابيوس او غيره من “القطط” الغربية، التي تتسابق للحصول على حصة من الجبنة الايرانية، وخصوصاً مع الافراج المنتظر عن عشرات المليارات التي ستجعل ايران سوقاً مغرية للشركات الغربية!
دعونا من مراسم الاستقبال لننصرف الى ما هو أهم، فعندما يقول هولاند إنه “يتوجب على ايران ان تكون بلداً يقدّم الحلول، ومن الحلول التي يجب ايجادها هناك المسألة اللبنانية وهناك ايضاً سوريا واليمن والبحرين”، فانه يبدو كمن يتجاهل تصريحات المرشد علي خامنئي في ١٨ من الشهر الجاري التي أعلن فيها “انه سواء تم الاتفاق النووي أو لم يتم، فإننا لن نكفّ مطلقاً عن دعم أصدقائنا في المنطقة وشعوب فلسطين واليمن وسوريا والعراق والبحرين ولبنان، ونحن لا نتفاوض في الشؤون الاقليمية او الدولية.”!
وبغض النظر عن الوثيقة السرية التي نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” والتي تؤكد ان الاتفاق النووي لا يلزم ايران كشف الأبعاد العسكرية لنشاطها النووي، فمن الواضح تماماً ان السلوك السلبي والعربدة الاقليمية لن يتوقفا بعد الاتفاق بل سيتصاعدان، فايران لن تقايض تصدير الثورة الى الاقليم باستيراد الانفتاح الغربي عليها، يكفيها ان يفك أسر العقوبات عن المليارات التي ستساعدها في تعزيز عربدتها الأقليمية!
لهذا فان جلّ ما يستطيع هولاند وفابيوس فعله هو محاولة ترميم المواقع الاقتصادية الكبيرة، التي كانت فرنسا تحتلّها في السوق الايرانية سواء في المجال النفطي عبر شركة “توتال” او في مجال صناعة السيارات، حيث تواجه الآن منافسة المانية وايطالية وحتى بريطانية.
واذا كان من المضحك ان يقيس هولاند مدى التغيير في ايران انطلاقا من السجاد العجمي الأحمر الذي سيفرش لوزير خارجيته في مطار طهران، فإن فابيوس كان قد بكّر في فرش الموكيت الفرنسي الفاخر لارضاء الايرانيين، عندما انتقل فوراً من المعارضة الشرسة للاتفاق الى القول”انه اتفاق متوازن، انه اتفاق سياسي كبير”، وقد أكمل الردح فور وصوله الى طهران بالقول “هذه زيارة مهمة. نحن دولتان كبيرتان مستقلتان وحضارتان كبيرتان وعلاقاتنا ستتحسن بعد الاتفاق.”!
كل هذا لأنه يعرف ان الالمان والاميركيين والبريطانيين وحتى الطليان سبقوه لنهش الجبنة الايرانية.