نصائح خارجية بالجملة للبنان: عجّلوا بالرئيس
هولاند يخترق ترف جلسات الانتخاب.. بلا مبادرة
تنهال النصائح على اللبنانيين من كل حدب. يصل اليوم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لينصحهم بأن يسارعوا الى انتخاب رئيس. لا يملك في جعبته، بحسب مصادر لبنانية وفرنسية متقاطعة، أية طروحات او أسماء محددة. هو منحاز الى مبدأ الانتخاب وضرورة الإسراع ـ إن جازت هذه الصفة ـ في التوافق على رئيس. فلبنان لم يعد مهددا فقط في استقراره، صار وجوده بمعطياته الراهنة على المحكّ. بالتالي، بالنسبة الى الفرنسيين، لم يعد اللبنانيون يملكون ترف التلهّي في تسجيل رقم قياسي في عدد جلسات انتخاب رئيس للجمهورية. ربما هذا ما يريد هولاند قوله بزيارته إلى مجلس النواب، ليخترق رتابة الجلسات المعطّلة بالنصاب للاستحقاق الرئاسي، ولو من دون مبادرة.
نصيحة مشابهة سمعها اللبنانيون من سفراء دول الخليج. فقد دعاهم سفير دولة الكويت عبد العال القناعي بعد اجتماع للسفراء في بكركي الى «وضع مصلحة بلدهم فوق كل اعتبار وتعزيز وحدتهم الداخلية والاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية لوقف التدهور».
قبلهم كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد نصح اللبنانيين، خلال لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالاستعجال في انتخاب رئيس.
صحيح أن لكل فريق من الناصحين خلفياته ومصالحه ورسائله، الا ان اللبنانيين لا يبدون حماسة لتقبل النصح حتى لو كان لهم هم ايضا مصلحة فيه. يريد سفراء الخليج من انتخاب رئيس «المحافظة على هوية لبنان العربية وعدم الجنوح به نحو مشاريع غريبة عن محيطه وبيئته، وقطع الطريق على بعض الجهات الخارجية التي تسعى الى تخريب علاقات لبنان بأشقائه العرب». وتريد فرنسا انتخاب رئيس «لتستقر الأوضاع ويتم ضبط الحدود والنأي بالنفس عن الصراعات في المنطقة التي تهدد لبنان وتدفع باللبنانيين واللاجئين السوريين اليه الى طلب الهجرة منه»، كما يشير مصدر لبناني مطلع، صديق للفرنسيين.
تزداد النصائح ويزداد تعنّت اللبنانيين وتعذّر انتخاباتهم الرئاسية. وقد أعاد كلام الوزير أشرف ريفي من جديد التداول ببورصة الاسماء. فقد توقّع ريفي أن تنحصر المنافسة بين ثلاثة مرشحين معروفين هم الوزير السابق جان عبيد أو قائد الجيش جان قهوجي او حاكم مصرف لبنان رياض سلامه. الافضلية والخيار هي للظروف. فالظرف الذي يأتي بالسياسي جان عبيد غيره الذي يأتي بالعسكري جان قهوجي، ومختلف عن الظرف الذي يوصل الاقتصادي رياض سلامة. ومن دون الثلاثة، ثلاثة آخرين. ثلاثة نواب بثلاثة أحجام وألقاب مختلفة: رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب العماد ميشال عون. رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية. وعضو كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب هنري حلو.
«عون لن ينسحب. أقلّه في المدى المنظور»، هذا ما يجزم به أحد نواب «التغيير والاصلاح»، مضيفاً «لن ينسحب لأسباب كثيرة صارت معروفة، منها الوطني والمسيحي والشخصي. ولا خجل أو احراج في الاسباب الثلاثة». بدوره فرنجية ايضا لن ينسحب، على ما تؤكد مصادره. وقد «شرحنا وكررنا موقفنا ولا تغيير فيه». وعليه فلن يسحب النائب وليد جنبلاط ترشيح حلو.
يبدو المشهد متجمدا على الصورة نفسها. يخرقها بين فترة وأخرى كلام وتسريبات وهمس عن «مفاجأة» من خارج السيناريوهات المقترحة. سرعان ما تتلاشى لتعود الصورة الى جمودها الاول.
الى اليوم، لا جديد سوى التكرار. لا رئيس في المدى المنظور. وكل نصائح الدول تلقى على ارض بور، لا تزهر. لكن برأي سياسي مستقل فإن «السباق بات محموماً بين انتخاب رئيس وانهيار البلد. لن يصنع الرئيس العجائب لكنه سيعيد الحد الأدنى من انتظام عمل المؤسسات وهذا من ضروريات المرحلة حيث الفساد يتآكل الدولة، أو ما تبقى منها». يضيف «لم يعد الخلاف السياسي ترفاً فكرياً أو اختلافاً في وجهات النظر. صار يهدد البلد بسلمه الأهلي من جهة وسلمه الاقتصادي ومستقبله. فهل من أخطار أكبر؟».