لا شك في أنّ الزيارة التي يقوم بها الى لبنان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالرغم من عدم وجود رئيس والفراغ المستمر منذ سنتين، وبالرغم من نصحه بعدم المجيء الى لبنان في غياب الرئيس وبالرغم من المخاطر الأمنية متعددة الهويات والجنسيات… بالرغم من ذلك كله أراد رئيس فرنسا أن يبعث برسالة الى العالم يؤكد من خلالها على أهمية لبنان لفرنسا أولاً وللعالم العربي وللعالم كله، وأهمية النظام الديموقراطي في لبنان، وعلى أهمية الوجود المسيحي في هذا البلد، وليقول للعالم كله إنّ لبنان هو خط أحمر بالنسبة الى فرنسا.
صحيح أنّ فرنسا بذلت جهوداً مكثفة لكي تحاول تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، وبذلت أيضاً المساعي الكثيرة مع الذين يقبضون على رقاب النواب اللبنانيين، ولكنها كانت دائماً تقول إنّ لبنان واللبنانيين عزيزون على قلبها، ولكن مجيء الرئيس الفرنسي في هذه الظروف الصعبة في لبنان والمنطقة، هو بمثابة رسالة ثانية تؤكد على العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، وكل مشاريع التقسيم التي تظهر بين الحين والآخر، في المنطقة وليس في لبنان، (وحتى الوصول الى «سايكس – بيكو»)… جاء الرئيس الفرنسي ليقول لهم: لا نقبل المساس بلبنان وبوحدته وبعلاقتنا المميّزة معه.
في هذه المناسبة أرى أنّه إذا كان الرئيس الفرنسي يقوم بهذه التضحيات ويبذل هذه الجهود فالأحرى بالزعماء المسيحيين أن يتعلمّوا منه درساً عن أهمية وطنهم، إذا كان هولاند على هكذا اهتمام فكيف يجب أن يكون موقف الزعماء المسيحيين؟ وهل يجوز أن نبقى في سياسة «أنا أو لا أحد»؟.. إنّ هؤلاء الزعماء المسيحيين متميّزون عالمياً بالعلم والثقافة والديموقراطية… ألا يعلمون كم هي خسائر الوطن اللبناني؟ ألا يدرون حراجةة الوضع الاقتصادي؟ ألا يدرون أنه لا بلد في العالم من دون رئيس وبمجلس نيابي معطل وحكومة فاقدة الدور.
أخيراً شكراً للرئيس الفرنسي الحريص وصاحب الغيرة على لبنان أكثر من بعض اللبنانيين.