Site icon IMLebanon

مع رمي هولاند واردوغان الكرة في ملعب اللبنانيين ملفات الفساد مجال رحب للإلهاء في ظل العجز

ردّ كل من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال زيارته بيروت في عطلة الأسبوع، والرئيس التركي رجب طيب اردوغان إبان استقباله الوفد الرسمي اللبناني في قمة اسطنبول، كرة مسؤولية العجز عن انتخاب رئيس للجمهورية الى الداخل اللبناني، على عكس ما يذهب اليه مسؤولون لبنانيون في رمي كرة التعطيل على الخارج وانتظار تفاهم ما إقليمي على نحو مباشر أو دولي غير مباشر يترجم إقليميا. إذ حض هولاند النواب على التوجه الى انتخاب رئيس جديد، غير مهمل وجود تأثير خارجي إنما محددا المسؤولية بأنها مسؤولية اللبنانيين، في حين أصرّ اردوغان على ضرورة حل مشاكل لبنان بالتعاون الداخلي، مؤكد أن تركيا ستكون مع لبنان تماما كما قال الرئيس الفرنسي. ويعي الجميع الأزمة التي يواجهها لبنان وأسبابها، لكن الموقفين الفرنسي والتركي اللذين فصلت بينهما أيام قليلة هما مؤشر لعدم وجود أي معطيات لدى الخارج من أجل مساعدة لبنان على الخروج من مأزق انتظار أزمات المنطقة، كما ان هذه الدول لا تملك الاثمان التي يتعين عليها دفعها سياسيا من أجل المساعدة في حل الأزمة اللبنانية ولا يسمح موقعها بذلك. إذ إن ثمة توترا طبع موضوع احتمال لقاء لوفد من “حزب الله” الرئيس الفرنسي الذي لم يخص الحزب بأي اجتماع خاص، كما ان زيارة هولاند رميت بالاعتبارات الخاصة المتصلة بصورته في فرنسا وحرصه على اظهار سعيه الى الاهتمام بموضوع اللاجئين ومعالجته، في حين أنه يصعب على تركيا وموقعها من الازمة السورية ان تؤدي أي دور، فيما الوضع في تركيا يتحرك، شأنه شأن الوضع في ايران، لكن صورة تركيا اصيبت جدا في ظل اردوغان. ومع ان كلا من فرنسا وتركيا فتحتا ابواب التعاون مع ايران ورئيسها حسن روحاني الى حد بعيد على صعد متعددة، فإن ذلك لا يعني إمكان تسهيل مساعدة لبنان في ظل معطيات تفيد بمساعدة روحاني من اجل دعمه داخليا في وجه المتشددين. إلا أن هذين الموقفين الفرنسي والتركي ساهما في تعميق الانطباع لدى أوساط سياسية مختلفة بأن الازمة تستمر مفتوحة على استمرارية لا أفق لنهايتها، وأضيف الى الموقفين ما عاد به زوار من واشنطن من معطيات تفيد بعدم إمكان التعويل على ادارة الرئيس باراك اوباما في ما تبقى من ولايته، إذ لن يغير شيئا في الاضطلاع بأي دور. وهذه المعطيات جميعها تلاقت على إبراز واقع استمرار دوران لبنان في دائرة مقفلة حتى إشعار آخر، فيما يتقاذف مسؤولون من اتجاهات سياسية مختلفة، وأحيانا حليفة او صديقة، اتهامات الفساد، وتفتح ملفات لن تكون لها أي مفاعيل جدية انطلاقا من التجربة في هذا المجال ودخول العوامل الطائفية والمذهبية، اللهمّ باستثناء المزيد من تفسّخ الدولة الذي بات نذير خطر، لكن هذه العوامل حتى الان لن تغير اي شيء في المعطيات الراهنة ولن تصل الى اي مكان، اياً يكن مدى صحتها. ذلك ان اي مسؤول في اي موقع كان لم يعد يتمتع بالصدقية الكافية لكي يجد صدى لاتهاماته ما دام يرد عليه باتهامات متبادلة، بحيث يبدو الفساد اقرب الى تهمة سياسية او الى توظيف سياسي منه الى واقع متفش في ادارات الدولة، على رغم ادراك اللبنانيين لذلك. ومع ان ما تم تبادله على طاولة مجلس الوزراء في الاجتماع الاخير للحكومة فتح ملفات تسرب بعض منها الى الخارج، فإن هذه الفضائح لن تجد صدى ما دامت الملفات ترمى مرة واحدة ببعد سياسي احيانا وفي اطار صراع سياسي محتدم احيانا أخرى، في ظل يقين لدى الرأي العام اللبناني ان لا مظلة فوق رأس احد من المسؤولين في الاستثمار في الفساد والايغال فيه، الامر الذي يعمم المسؤوليات ويضيعها حتى لو تمت اطاحة بعض صغار الموظفين في الطريق من اجل ذر الرماد في عيون الراي العام.

وعلى رغم التضعضع الذي أصاب الدولة اللبنانية نتيجة انتشار تهم الفساد وفتح الملفات، وما دامت تحصل تحت سقف الحرص على ابقاء الحكومة وعدم اسقاطها، فإن ما يحصل يستمر جزءا من الصراع على اقتسام البلد ومقدراته ليس إلا حتى إشعار آخر، خصوصا ان هذه الملفات تفتح على اثر الاغلاق المرحلي لازمة نفايات استمرت ثمانية اشهر ولم يخجل المسؤولون خلالها مما اصاب صورة البلد بنتيجتها ولا انعكاساتها على صعد متعددة ولا ما اصاب صورتهم هم ايضا لدى الرأي العام اللبناني. في حين يزيد اقتناع المواطنين انه حين تنظيم امور الافرقاء السياسيين من ضمن حصصهم في السلطة فان الهدوء سيعود وستقفل ملفات الفساد بسحر ساحر ايا يكن حجم الفضائح الذي تكشف راهناً، والتي يتم التحارب من خلالها.

والمشكلة وفق مصادر وزارية ان رمي الخارج كرة ايجاد حل للازمة يعكس جزءا من الحقيقة انطلاقا من ان “حزب الله” هو الذي يعطل حصول انتخابات، غير آبه بما يحصل في البلد، فيما يسعى كثر لدى ايران من اجل الضغط على الحزب للافراج عن الرئاسة، ويرفض الحزب ذلك ويصرّ على مطالبه متلطيا وراء إصرار العماد ميشال عون على انتخابه رئيساً، الأمر الذي يفترض البحث عن أي سبيل لفتح حوار مع الحزب يخترق تعطيله، على رغم أن ذلك يعني فرض شروطه، ما لا يسمح للآخرين بقبول ذلك لاعتبارات متعددة. في حين ترى مصادر ديبلوماسية غربية ان الداخل استنزف قدراته ولم يعد لدى الافرقاء الداخليين القدرة على ايجاد الحلول بانفسهم.