Site icon IMLebanon

هولاند في بيروت: تنشيط المساعي الدولية لانتخاب رئيس

ستتوّج زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى بيروت بين السبت (يصل الساعة 2 بعد الظهر) والأحد، مرحلة ديبلوماسية وسياسية جديدة بالنسبة الى لبنان.

وإذا كان الفرنسيون بأوساطهم المطلعة يفضلون أن يبقوا متواضعين حيال ثمار الزيارة الرئاسية الفرنسية الثانية لهولاند (الأولى كانت سنة 2012)، مفضلين التركيز على إطارها العام المستند على 3 مواضيع هي: دعم لبنان إزاء الأزمة السورية إنسانياً وتنموياً واقتصادياً، دعمه ضد الإرهاب والدفع في اتجاه إيجاد حلول لبنانية للأزمة الرئاسية والدستورية. إذا كانت هذه هي الأهداف المعلنة التي سيتحدث عنها هولاند في لقاءاته، فإنّ ما بعد الزيارة أهداف عدة سوف تتمكّن فرنسا من قولبتها في إطارها المناسب عندما يحين الوقت.

لا شكّ في أن قيام هولاند بهذه الزيارة وسط فراغ رئاسي، أمر مثير للاهتمام ويؤكد عمق العاطفة الفرنسية تجاه لبنان والالتزام الفرنسي بالدفع في اتجاه إصلاح الوضع اللبناني المنتكس منذ عامين. وبالرّغم من وضع الفرنسيين عنوان «زيارة عمل» لجولة هولاند اللبنانية، بحسب ما اتفق أرباب البروتوكول على وصفها بسبب غياب رئيس للجمهورية، وبالرغم من خلوّها من استقبال رئاسي على المطار أو من عشاء رسمي، فإنّ الأطباق اللبنانية برمّتها سوف تناقش مع مختلف الأطياف السياسية في جولة يبدأها هولاند في البرلمان اللبناني (لن يلقي كلمة هناك)، ثم يلتقي رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، لينتقل بعدها الى السراي الحكومي للاجتماع برئيس الحكومة تمام سلام والوزراء.

وفي برنامج السبت مساء استقبال للجالية الفرنسية في لبنان في «قصر الصنوبر» ثمّ عشاء على نطاق ضيّق لمختلف سلطات الدولة اللبنانية والوزراء المعنيين بالملفات الحيوية مثل النزوح السوري والأمن، وسيستقبل هولاند أيضاً بضع «قوى حيّة» وفنانين وناشطين في المجتمع المدني.

أما الأحد، فلقاء مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الرّاعي، الى شخصيات لبنانية، وسيزور نصب شهداء فرنسا، لينتقل بعدها الى البقاع حيث سيجتمع بمنظمات إنسانية فرنسية وقد يزور مخيماً للنازحين.

وسيحضر الى قصر الصنوبر (مساء السبت) رؤساء الأحزاب اللبنانية ورؤساء الكتل النيابية، وبما أنّ الزائر الفرنسي الكبير سيركّز في برنامجه على الفراغ الرئاسي وضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت ممكن وإعادة الحياة لمؤسسات الدولة، فكان لا بدّ من معرفة إذا كان سيلتقي رئيس كتلة «حزب الله» النيابية النائب محمد رعد. الأوساط المطلعة تشير الى أن هولاند سيكتفي بلقاء بعض رؤساء الأحزاب والنائب رعد ليس كذلك، في حين تطرح تساؤلات عمّا إذا كان «حزب الله» سيحضر عشاء فرنسياً تقليدياً، بمعنى أن قنينة النبيذ الفرنسي الفاخر ستتوسّط كل الطاولات، لا سيما أن وفده الى مؤتمر «سان كلو» في فرنسا (عام 2008) رفض تناول العشاء في وزارة الخارجية نظراً الى وجود النبيذ.

بأي حال فإنّ هولاند كرئيس دولة، لن يلتقي إلا بعض الشخصيات المقربة وستكون بمرتبة رئيس حزب لا أقل، أما اللقاءات مع «حزب الله» فستبقى لغاية اليوم على مستوى السفير الفرنسي في بيروت إيمانويل بون، علماً بأن النظرة الفرنسية الى الحزب هي أنه مكوّن لبناني رئيسي.

وتشير الأوساط المطلعة إلى أن إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان سيكون مؤشراً واضحاً بأن التسوية في المنطقة ممكنة، وستكون هذه الانتخابات حين إجرائها رسالة مهمة للمنطقة بأن التسوية بين الأفرقاء ممكنة وستشكل بداية لتخفيف حدّة الاصطفافات في الإقليم، ولغاية الوصول الى هذه اللحظة فإن فرنسا وحدها لا تزال تثير الملف اللبناني في جميع المنتديات الدولية وفي اللقاءات الرئاسية مع الدول كلها، بما فيها روسيا.

هذا الدعم الفرنسي للانتخابات الرئاسية لن يُترجَم عملياً لأن الترجمة هي بيد اللبنانيين، لكنّ فرنسا ستصرّ على متابعة الزيارة الرئاسية على مستويات عدّة سيقررها الرئيس هولاند أثناء وجوده في لبنان وسيُعطي التوجيهات في شأنها.

الأسلحة الفرنسية للجيش

هذا الدعم سينسحب أيضاً على الاستقرار اللبناني الذي تمثله مؤسسة الجيش اللبناني، فضلاً عن الأجهزة الأمنية التي تُبلي بلاء حسناً بنظر الفرنسيين.

ولعلّ اللافت أنّ الأوساط المطلعة تشير الى أن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان سيكون حاضراً في الوفد الرئاسي وسيبعث برسالة مهمّة حول الهبة السعودية، بمعنى أن السعودية علّقت الهبة للجيش لكنّها لم تُلغها، والأسلحة التي تصنّعها فرنسا سوف تسلّم إلى الجيش اللبناني حينما تقرّر السعودية ذلك. وفرنسا من جهتها متشبثة بأن تكون هذه الأسلحة متاحة للجيش اللبناني، بسبب التعاون التاريخي معه كمؤسسة وطنية جامعة تثق بها فرنسا بعمق.

سيركّز هولاند أيضاً على موضوع النزوح السوري، وفرنسا واضحة في شأن ضرورة عودة هؤلاء الى بلدهم حين تتوافر الشروط، وستكون إعلانات فرنسية لمساعدة النازحين والمجتمعات المحلية المضيفة.

المهمّ أن تسلسل الحوادث الديبلوماسية سوف يتسارع بعد زيارة هولاند، وليس مستبعَداً أن تدفع فرنسا في اتجاه عقد اجتماع لمجموعة الدّعم الدّولية، كونها خطوة تشاركية فعالة مع الحكومة اللبنانية تصبّ أيضاً في خانة إعادة تنشيط المجتمع الدولي لدعم لبنان سياسياً واقتصادياً.