صُعِق الذين التقوا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في لقاءاته الاولى في مبنى البرلمان حين عاجلهم بالقول: يجب ألا تنتظروا منا خطوات بالنسبة الى انهاء الفراغ الرئاسي، فالمسألةُ عندكم.
هذا الكلام للرئيس الفرنسي قطع الطريقَ على كل طلبٍ لبناني بالتدخل في مسألة انتخابات الرئاسة، ومن المأساة الملهاة أنّ زيارة الرئيس هولاند لبيروت جاءت عشية الجلسة 38 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية والتي ستشهد تأجيلاً مثلها مثل غيرها من الجلسات ال 37 السابقة.
كل ما يعلل لبنان النفس به من الحدث الفرنسي في بيروت أنّ وزيرَ الخارجيةِ الفرنسي جان مارك ارولتس يزور بيروت في 27 أيار المقبل للتحضير لاجتماع مجموعةِ الدعم الدولية والدول المانحة للبنان.
بهذا المعنى يبدو الهاجس الفرنسي واحداً وقد عبَّر عنه احد المرافقين للرئيس هولاند وفيه أن أمن لبنان هو أمن فرنسا، شرحُ هذا القول ان أمن فرنسا يكون مستقراً بمقدار ما يبقى النازحون السوريون بعيدين عن الجزء الشمالي من حوض المتوسط، أي أنْ لا يصلوا الى دول الاتحاد الاوروبي.
ربما لأجل ذلك بينما كان الرئيس هولاند في بيروت، كان وزير خارجيته في ليبيا يتابع استقرار الوضع فيها في ظل تصاعد المخاطر من انتقال المتطرفين من ليبيا الى ايطاليا وفرنسا وغيرها من دول حوض المتوسط في جانبه الشمالي.
بانتقال الرئيس هولاند من بيروت الى البقاع تكون عملياً الزيارة في شقها اللبناني قد انتهت عملياً لتبدأ معها الزيارة في شقها السوري: في البقاع كان بيتُ القصيد بالنسبة الى الزيارة، أنّ عدم انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية لا يقض مضاجع الفرنسيين، لكن استمرار تدفق النازحين هو الذي يقض مضاجعهم، لهذا السبب فإن المتابعين لزيارة هولاند يجب ان يدققوا في ما سيحققه في البقاع ولا حقا في ما سيحققه في الاردن، حيث ملف النازحين عبء على الاردنيين كما هو هاجس للفرنسيين.
***
تحاول فرنسا المستطاع ان تبذل كل الجهود ليكون لها موطئ قدم في منطقة الشرق الاوسط خصوصاً أنّ الولايات المتحدة الاميركية وروسيا لم تتركا مكانا لأحد في المنطقة. ففي الوقت الذي يجول فيه هولاند بين بيروت وعمان والقاهرة، يستعد الرئيس الاميركي باراك أوباما لزيارة السعودية للاجتماع مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي لبحث مسألة الامن الاقليمي. زيارة أوباما الى العاصمة السعودية ستتطرق مع قيادات مجلس التعاون الخليجي الى مسألة الأمن الاقليمي.
***
أين لبنان من كل هذه التطورات؟
أين لبناننا؟ ومن أوصلنا الى وطن متفرج على كبار القوم غير مسؤولينا وسياسيينا، يروحون ويجيئون وهو لا يستطيع ان يلفت نظر أحد، ويبقى ينتظر بين زائر وآخر، وفي مرحلة الانتظار يزداد الاهتراء يوماً بعد يوم.