IMLebanon

هولاند المتجدّد

 

لم يُعدّل الارهاب في أجندة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بل العكس، رسّخها أكثر. إذ إنه عاد في الأيام الثلاثة الماضية ليؤكد مرتين ما سبق وأن قاله في أواخر آب من العام الماضي من أن عدم التحرك الغربي (الاميركي تحديداً) في الوقت المناسب إزاء النكبة السورية هو الذي أوصل أمور الارهاب الى هذه الذرى.

بل ما قاله هولاند بالأمس يشبه سمفونية سياسية لا تحوي أي شبهة نشاز، ولا تحتمل أي تأويل من خارج النص، بحيث ان وضوحه التقريعي يقارب ردّ فعله الطبيعي على استهداف بلاده بالإرهاب. أي بمعنى آخر، أكد في كلماته المتلاحقة ضد الهجوم على المجلة الساخرة، المبدأ العام القائل بعدم الرضوخ أمام ذلك العدم، أو التراخي في ملاحقة منفّذيه، أو التخاذل في فهم معنى الطعن بالحرية المقدّسة في قلب عاصمته وبتلك الطريقة الدموية المخزية.. وهذا خطاب يقوله أي مسؤول في اي دولة تصاب بما أصيبت به فرنسا، لكن المحافظة والإصرار على خطاب التقريع يدلّ على دقّة ليزرية في التشخيص وعلى حرص على عدم أخذ الأمور الى محل آخر فيه من الابهام والخبث ما يكفي!

.. مجدداً أعرب هولاند عن أسفه لعدم التحرك عسكرياً «في الوقت المناسب» لوقف المجازر ومنع المتطرفين من توسيع نفوذهم، غداة استخدام بشار الاسد الاسلحة الكيماوية ضد أطفال الغوطة في آب 2013.. «كان يتعين على المجتمع الدولي ان يتحرك، فرنسا كانت على استعداد. الأوامر أعطيت، القوات متأهبة. (لكن) تم تفضيل طرق أخرى. وها نحن نرى نتائجها».

لا يخاطب هولاند بذلك الكلام إلاّ باراك أوباما، ولا يقرّع أحداً سواه. ولا يلوم إلاّ سياسته، أو بالأحرى «لا سياسته« إزاء النكبة السورية. لكنه في الوقت نفسه، يقفل الباب فوراً ومباشرة أمام أي استطرادات تحليلية، أو بالأحرى تزويرية: تنامي الإرهاب وتوسّعه نتيجة حتمية لاستمرار النكبة السورية. وهذه مستمرة لأن بشار الأسد لا يزال واقفاً على قدمين، واحدة روسية وأخرى إيرانية، وليس العكس أبداً. وبالتالي، يمكن لخطاب أهل الممانعة أن يبقى في خانتهم ولا يخرج منها إلى أي بقعة مضيئة، وخصوصاً ما فيه من استسهال مبتذل لاختصار الثورة السورية بالجماعات الإرهابية، واعتبار دعم تلك الثورة دعماً للإرهاب «الذي ارتدّ على أصحابه«!

أهمية كلام الرئيس الفرنسي (الجريح) تكمن في أنه ينسف مسبقاً أي محاولة روسية أو غربية أو أميركية محتملة لتسويق أي تشويه للحرب المفتوحة ضد الإرهاب وصولاً إلى طرح تسوية تحسب حساباً للأسد في مستقبل سوريا باعتباره جزءاً من تلك الحرب!

الأمور عند هولاند كانت واضحة سابقاً وازدادت وضوحاً بعد الاعتداءات الإرهابية في باريس: الأسد جزء من الإرهاب وأسبابه وليس العكس. انتهى النقاش.. وحسناً فعل أوباما بغيابه عن تظاهرة باريس التاريخية!