يبدو ان المنطقة المتراقصة على فوالق الزلازل الكبيرة من ليبيا مروراً بمصر والعراق وصولاً الى سوريا، باتت على عتبة مرحلة جديدة سيكون فيها الدب الروسي اللاعب الرئيسي لا سيما ان الجسر الجوي بين موسكو وسوريا يفوق بحجمه الجسور التي اقامتها روسيا قبل انفراط عقد الاتحاد السوفياتي في عز الصراع العربي – الاسرائيلي ايام حرب تشرين التي اعادت لمصر وسوريا بعضاً من ماء الوجه الذي اريق في «حرب الستة ايام» المشؤومة مع العدو الاسرائيلي، وسط انزعاج اميركي وصل الى حدود الهلع الى حد اعرب فيه بعض صناع القرار في الادارة الاميركية عن قلقهم من مواجهة اميركية – روسية في سوريا لا سيما ان روسيا ترفض رفضاً قاطعاً قتال التنظيمات الارهابية كـ«داعش» و«النصرة» تحت قيادة اميركية لقناعتها المطلقة بأن الجيش السوري وحده بقيادة الرئيس بشار الأسد و«حزب الله» هم من يحاربون الارهاب بطريقة جدية، كون ارتال «داعش» يوم احتلت الموصل واخيراً مدينة تدمر كانت تحت انظار البنتاغون الاميركي الذي سهل «لدولة الخلافة» تحقيق انجازها على خلفية الدفع باتجاه تقسيم العراق الى 3 دول سنية وشيعية وكردية وفق مشروع نائب الرئيس الاميركي جو بايدن عام 2010. وكان سبق لحاكم العراق المعين من واشنطن بول بريمر الذي حل الجيش العراقي ان نصح ادارته بالتقسيم كحل للعراق وفق الاوساط المواكبة للمجريات في سوريا.
فوفق المعلومات ان مجموعات من وحدات النخبة في الجيش الاحمر نقلت مؤخراً الى الاراضي السورية، وان الخبراء الروس اشرفوا على تأهيل مطار عسكري على الساحل السوري ليصبح بمقدوره استقبال احدث الطائرات الروسية المقاتلة، وان موسكو لم تخفِ على الاطلاق اصرارها على دعم النظام السوري مهما كانت النتائج لا سيما اثر المعلومات التي توفرت لدى المخابرات الروسية ان واشنطن بدأت بتدريب مجموعات شيشانية وقوقازية في تركيا قد تستعملها لاحقاً في روسيا، اذا اضطر الامر لا سيما ان الادارة الاميركية نجحت في اشغال موسكو في محاولة منها لالهائها في اوكرانيا وفق الاوساط نفسها، ما يزيد من اصرار موسكو على الدخول بشكل مباشر الى قلب الميدان السوري لضرب الارهاب التكفيري والقضاء عليه قبل وصوله الى الجمهوريات السوفياتية السابقة ومنعاً لتكرار حرب الشيشان.
وتضيف الاوساط المواكبة للمجريات في سوريا انه بالاضافة الى الموقف الروسي الصارم حيال دعم النظام السوري فقد برز موقف آخر غير متوقع على الاطلاق وفاجأ اللاعبين الغربيين وخصوصاً فرنسا، اذ اعلنت زعيمة اليمين الفرنسي ماري لوبن ان الرئيسين الفرنسيين نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند ارتكبا اخطاء جسيمة في عملية مكافحة الارهاب التكفيري اذ «كان عليهما التعاون مع الرئيس بشار الاسد كون المخابرات السورية هي «الاقدرعلى كشف المجموعات الارهابية والقضاء عليها». ما يشير الى ان الدوائر الغربية بدأت في مراجعة حساباتها الى حد الاعتراف بما ارتكبت ايديهم، بدءاً من ليبيا وصولاً الى سوريا.
وتشير الاوساط الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري ليس بعيداً عن المستجدات الغربية وانه قلق من التطورات في لعبة الامم كون ما يحصل وسيحصل في سوريا ستكون تداعياته مدوية في لبنان، فاخترع «طاولة الحوار» وسط احتقان الشارع والاختناق بالنفايات وضغوط التحركات الشعبية التي رشقت مواكب «الحواريين» بالبيض، حرصاً منه على تأجيل المشكل الرئاسي وتمديد الوقت المستقطع كون الطبق الرئاسي لم ينضج بعد في المطابخ الدولية وبري يعلم جيداً ان انجاز الاستحقاق الرئاسي خرج من ايدي اللاعبين المحليين بانتظار انفتاح ايراني – سعودي اثر فشل المندوب دومينيك مومبرتي في توحيد كلمة المسيحيين بالاضافة الى اللامبالاة الفرنسية حيث سيزور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لبنان في نهاية الشهر الجاري ليسوح في مخيمات النزوح السوري وليدعم لبنان بعيداً عن كل ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية. فهل سيستقبله مجلس الوزراء مجتمعاً ام بالاكثرية المطلقة؟ ربما الثابتة الوحيدة ان هولاند سيرحل قبل ان يتفق الوزراء على آلية عمل الحكومة.