IMLebanon

الروح القدس ومفاعيله اللبنانية

 

 

“سألت كبيرة المذيعات الذكيّات الرئيس الأسبق (الياس الهراوي)، بعد قرابة سنة من إنتخاب الرئيس اميل لحود خَلَفاً له، وكان قد بدأ “الود المفقود” بينهما يزداد فقداناً:

 

من اختار الرئيس لحود لرئاسة الجمهورية؟ أطرق الرئيس الهراوي لحظةً، ثم أجاب بنبرته الزحلاوية:

 

مين اختار الرئيس لحود؟… “الروح القدس”! واستطردت المذيعة:

 

“طيّب”… وأنت من مدّد لك ثلاث سنوات ؟

 

مين مددّ لي؟… “الروح القدس” أوحى بذلك الى النواب، فصوتوا للتمديد!!!”.

 

كتب هذا الكلام غسان تويني في تقديمه لـ”مذكرات” الهراوي وفيها روايته عن “عودة الجمهورية من الدويلات الى الدولة”، قبل ان تستعيد طريقها في هذه الأيام من الجمهورية الى الدويلات.

 

“الروح القدس” في أيام الهراوي كان حافظ الاسد ثم وريثه بشار. والهراوي لم يكذب أو يتلاعب بالوقائع. الأسد الأب اراده رئيساً في المرة الأولى ثم مدد له لثلاث سنوات فنفّذ “سيّد نفسه” اللبناني الأمر. ثم قرر الأسد الأب ان يكون اميل لحود رئيساً فكان له ما اراد، وعندما قرر نجله بشار التمديد له استجاب “سيّد نفسه” مرة أخرى، وكان التمديد المرتبط بمسلسل القتل والتصفيات.

 

“الروح القدس” الذي خلَف النظام السوري قرر أن يكون الجنرال ميشال عون رئيساً. لكنه كطرف يتمتع بميزات محلية إستغرق سنتين ونيّف لتنفيذ قراره. أيام السوريين لم تكن الأمور تستغرق كل هذا الوقت. ومع ذلك بات للبنانيين روح قدسٍ جديد سيعيّن رئيساً للجمهورية ورئيساً للحكومة وآخر للمجلس النيابي، ومن يتحكم بهذه المواقع الثلاثة سيتحكم بكل الدولة، ولو بأسلوب يختلف قليلاً عن اسلوب الرفيق غازي كنعان رحمه الله.

 

نحن الآن في صدد قيام حكومة تحتاج الى “روحِ قُدُسٍ” يحضر بيننا ولا ضرورة لاستيراده من اجل ان تبصر النور وتتولى الأمور الخانقة التي تخنق البلاد. وهذا “الروح” موجود، لكنه كما يبدو، يفضل لعب لعبة أخرى، من مثل اطالة الأزمة للولوج اليه (بالإذن من فهمي) من مدخلٍ آخر اكثر تلبية لطموحاته. الاسد لعب اللعبة نفسها في مطلع السبعينات وحتى بعد اندلاع الحروب المشؤومة، وعندها فقط أدخل جيوشه تلبية لـ”استغاثة” المسيحيين، وحفاظاً على “الثورة الفلسطينية وعروبة لبنان”، ثم كان ما كان مما أذكره وتذكرونه…

 

“الروح القدس” في نسخته الملبننة يقلد نظيره السوري وينتظر، وفي الاثناء فَلْيُلَبِّ الجميع دعوة الاتحاد العمالي الى الإضراب العام..! والرحمة للرئيس الياس الهراوي.