IMLebanon

الداخل لا يصنع الحل.. لكنه يلجم الانفجار

تصنيف «حزب الله» يوقظ مؤيدي المقاومة

الداخل لا يصنع الحل.. لكنه يلجم الانفجار

برغم كل التعبئة المذهبية والاعلامية المستخدمة ضده، منذ انتصاره في حرب تموز 2006، والتي بلغت حدها الاقصى مع مشاركته في الحرب السورية.. اكتشف «حزب الله»، بمساعدة خصومه وأعدائه، ان ما زرعه في وجدان الشارع العربي بعد الانجازات التي حققها في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، هو من النوع الذي لا يذبل بسهولة، حتى لو حُجِبت عنه الشمس لبعض الوقت.

وهكذا، كان يكفي ان يقرر مجلس التعاون الخليجي وامتداداته في مجلس وزراء الداخلية العرب تصنيف الحزب منظمة ارهابية حتى تستيقظ «الخلايا الشعبية» النائمة او الكامنة في العديد من عواصم دول المنطقة، رفضا لهذا التصنيف ودعما للمقاومة التي استعادت خلال الايام الاخيرة بعضا من حضورها في محيطها الواسع، بعد محاولات طمسه وتجفيفه على مدى الاعوام الماضية.

وبهذا المعنى، يكون التصنيف الخليجي قد أعطى مفعولا عكسيا، ليتحول من تهديد الى فرصة للمقاومة التي عادت الى قلب العالم العربي من بوابة التعاطف معها، بعدما أريد لها ان تخرج منه عبر نافذة وسمها بالارهاب، وهو توصيف تراوح بسورياليته وهشاشته ما بين حدي الفضيحة المدوية والنكتة السمجة.

وقد أثبتت هذه التجربة مرة أخرى ان الحقد مستشار سيئ وفاشل، بل ربما يصح القول – من باب استكمال المشهد الكاريكاتوري – ان من اقترح تصنيف «حزب الله» منظمة ارهابية يستحق ضمه الى «سرايا المقاومة»، بالنظر الى الخدمة التي قدمها الى الحزب، ولو عن غير قصد، حين استنفرت «خطيئته» مشاعر المتمسكين بخيار المواجهة ضد اسرائيل، في اعقاب فترة من «الكمون»، ودفعتهم بشكل تلقائي الى احتضان المقاومة اللبنانية والتضامن معها في أكثر من عاصمة عربية.

أما على المستوى الداخلي المحض، فان الهزات الارتدادية للقرار السعودي المغلف بقشرة خليجية، توقفت لحسن الحظ عند تخوم الحدود الدولية، من دون ان تصيب العمق اللبناني وتهدد الاستقرار الرخو، الذي لا يحتمل الانخراط في مغامرة تصنيف «حزب الله» منظمة ارهابية.

ويُفترض الاقرار، في هذا الاطار، بأن الموقف الاعتراضي الذي اتخذه الوزير نهاد المشنوق، بما ومن يمثل، في مجلس وزراء الداخلية العرب، ساهم كثيرا في لجم المفاعيل السلبية التي كان يمكن ان يتركها «قرار التصنيف» على النسيج اللبناني.. السريع الاشتعال.

ويعكس اعتراض المشنوق، العابر للخلاف الحاد بين تيار «المستقبل» و «حزب الله»، «واقعية سياسية»، جلبت المتاعب لوزير الداخلية ضمن بعض أوساط بيئته، حيث علت أصوات تنتقد تمايزه عن معظم زملائه العرب، وتشيد بجرأة الوزير المستقيل أشرف ريفي.

ويكتسب موقف المشنوق أهميته من كونه غلّب استراتيجيا اعتبارات الامن القومي اللبناني على مقولة الامن القومي العربي التي تسلح بها مجلس التعاون الخليجي ووزراء الداخلية العرب في تبرير الهجوم على «حزب الله»، وتجاهل محليا المزايدين الذين كانوا في الانتظار على رصيف التيار والطائفة.

وربما يمكن الاستنتاج من مجموعة مؤشرات سُجلت مؤخرا، ان الاطراف الداخلية الاساسية لا تزال تملك حدا أدنى من الرغبة او المصلحة «الذاتية» في منع الانفجار الكبير للازمة، وإن كانت لا تملك القدرة أو الجرأة على إيجاد تسوية محلية لهذه الازمة بمعزل عن الخارج.

ويمكن التوقف، في هذا السياق، عند بعض المحطات المعبرة التي تعكس، أقله حتى الآن، وجود ميل الى التقيد بقواعد اللعب على حافة الهاوية، وعدم الانزلاق الى ما بعدها. ومن بين هذه المحطات:

ـ إصرار كل من السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري على مواصلة الحوار الثنائي بين «حزب الله» و «المستقبل»، برغم ترنحه اكثر من مرة في الآونة الاخيرة تحت وطأة اشتداد الصراع السعودي – الإيراني.

ـ حرص الطرف اللبناني الاقوى، وهو «حزب الله»، على حماية السلم الاهلي وتنظيم الخلاف مع خصومه وصولا الى تجنب الفتنة المذهبية، وحتى تفادي اي «نزهة» في الشارع، إذا أمكن، الامر الذي سمح بتخفيض حرارة الاحتقان التي ارتفعت درجاتها قبل ايام.

ـ تمسك جميع مكونات الحكومة بالمحافظة عليها وعدم فرط عقدها، وإن كانت أحيانا تشكو من عوارض التعطيل او التعليق لعملها.

ـ استمرار الحوار الوطني في عين التينة بمشاركة جميع القوى التمثيلية.

ـ رفض أحد صقور «المستقبل»، وهو وزير الداخلية، تصنيف «حزب الله» منظمة ارهابية.

.. ولكن، هل يمكن ان تستدرج فضيحة النفايات الداخل الى حيث أخفقت التحديات الاخرى، فيكون السقوط الكبير في مكبات القمامة، بعدما نجا لبنان بأعجوبة من حرائق المنطقة؟