لا تزال خطوة التأليف غير واضحة المعالم في حين لم تنفع المحاولات الداخلية لكسر الجمود وتقريب وجهات النظر، ولم تؤدِ النصائح الخارجية الكثيرة حول ضرورة تشكيل حكومة بأقرب وقت الى دفع اي فريق لتقديم أية خطوات نحو التسهيل، ولم يرضَ فريق العهد بالخروج من متاريس الحقائب والأرقام تمهيداً لانطلاقة باتت متأخرة حتى تضع الوعود الوردية ضمن خطة عمل حكومية تحولها واقعاً يشهد للعهد وسيّده بإنجاز ما عجز عنه الآخرون، على صعيد الوطن طبعاً وليس على صعيد التيار أو الطائفة!
اما المهزلة التي يتمادى بعض الوزراء خلالها باستخفاف عقول اللبنانيين عبر الترويج لإخفاقات على انها نجاحات بلغ حداً يفوق الفهم البسيط للحقائق، فمن فشل في تأمين التيار الكهربائي كما وعد منذ سنوات مضت، كرّس وجود المولدات وأدخل أصحابها كشريك للدولة المقصرة وللقمة عيش المواطن المغلوب على أمره بوضع القوانين والتعرفات لعدادات، إن دلت على شيء، فهي تدل على الاستمرار بنهب المال العام الممنهج اضافة الى استخفاف غير مسبوق بعقول المواطن… اما التغريدة التي وضعها وزير الطاقة وتحولت لنكتة مبكية حول استضافة لبنان لمؤتمر الطاقة، فهي تأكيد لما بات معروفا، مع العلم ان اللبنانيين باتوا أضعف من ان يقاوموا واقعهم الرديء وأعجز من ان يحاسبوا الطبقة التي أعادوها لمواقع القرار في الانتخابات الاخيرة!
وبما ان حكومة تصريف الأعمال باتت عاجزة عن القيام بمهامها كما يجب، كون مكوناتها اقحمت إنتاجيتها بلعبة التجاذبات الطائفية والسياسية العقيمة، اضافة الى عجز الطبقة الحالية عن التوافق بأبسط حدوده، لم يعد من سبيل للخروج من هذه الدوامة الا اعلان حالة طوارئ واللجوء الى حكومة تكنوقراط تكون أولوياتها العمل على الأمن الاجتماعي والاقتصادي، والبدء بتنفيذ مشروع الحكومة الالكترونية للحد من الفساد وإخراج لبنان من خانة الدول الفاسدة والمارقة، وإعادة حد أدنى من الشفافية لاستعادة ثقة ودعم المجتمع الدولي. إن هذه الخطوة ليست ترفاً سياسياً بل ضرورة ملحة كون لبنان يحمل عدة ألغام في محيطه المشتعل، بدءاً من اعباء النزوح الاجتماعية والاقتصادية وصولا الى التهديدات الأمنية الإسرائيلية، من دون اغفال ملف البيئة الذي حوّل الوطن الأخضر إلى أرض موبوءة بالتلوث والفساد.
إنها حكومة عمل وإنتاج وليس تسجيل نقاط وشد حبال، فلتبق الأحجام خارج دائرة الانتاج الى ان تحل ازمتها.
وفي زمن الكذب والتكاذب السياسي، تبقى حقيقة واحدة جليّة وهي ان لبنان ليس بخير! فهل مَن يسمع ويرى؟