IMLebanon

وطن  

 

هل لبنان لا يزال وطناً؟

 

وقبل أن نرتقي الى مرتبة الوطن بمعانيه السامية كلها، نسأل: هل لبنان لا يزال دولة؟

 

صحيح أن لدينا الكثير من الألقاب:

 

عندنا أصحاب فخامة حالي وسابقون وأسبقون.

 

وعندنا أصحاب دولة حالي وسابقون وأسبقون.

 

وعندنا أصحاب دولة (أيضاً)  حالي وسابقون وأسبقون.

 

وعندنا أصحاب معالي يتعذر إحصاؤهم.

 

وعندنا أصحاب سعادة وسعادة وسعادة بالآلاف بين الحاليين والسابقين…

 

ولكن… هل عندنا دولة؟!

 

قبل سنوات قال لي ديبلوماسي أوروبي يمثل أحد أكثر البلدان الأوروبية اهتماماً بلبنان وحدباً عليه، وكنا في السيارة التي أقلتنا من داخل العاصمة الى الأوتوستراد  تمهيداً للانتقال الى منطقة شمالية وبالذات الى الضيعة الوادعة… قال: لقد مثلتُ بلدي في غير بلد من بلدان هذه المعمورة وبينها في العالم الثالث ولقد كنت أعرف منذ الدقائق الأولى في السيارات التي كانت تنقلني من المطار الى مقر سفارة بلدي، كنت أعرف بداهةً ما إذا كنتُ انتُدِبْتُ الى دولة أو الى مزرعة…

 

هذا بالنسبة الى الطرقات ومطابقتها المواصفات،  والسيارات… فكيف الحال أمام ما يمر به هذا اللبنان في هذا الزمن؟!

 

فأي دولة تتعامل فيها المصارف مع «الزبائن» كما هي الحال عندنا؟

 

وأي دولة يفلت فيها  سعر صرف الدولار لدى الصرافين كما هو فالت عندنا من أي ضوابط، ومن دون أي قواعد، ومن دون أي أخلاق؟! سواء أكان نظامها حراً أو مقيداً؟!

 

وأي دولة تتناسل فيها الأزمة أزمات… التي سرعان ما تتحول الى «قضايا» (بلا زغرة). وهذه بدورها تُسْتَنسخُ مآزق آخذٌ بعضها برقاب البعض الآخر، كما هي الحال عندنا؟!

 

وأي دولة يدخل «الوظائف» العامة العليا فيها طفرانون فيتحولون الى متخمين (ناهيك بحداثة النعمة)؟! فيما الشعب يهبط من طبقةٍ وسطى، كانت ميزان الاستقرار والعافية وعنوانهما، الى ما تحت خط الفقر؟!

 

وأي دولة تفلت فيها الأسعار، وبالسرعة الضوئية كما هي فالتة عندنا؟!

 

وأي دولة تعجز عن توفير الكهرباء لتقوم فيها الكهرباء الرديفة (والأفضل، وإن كانت الأغلى) فيقع الناس تحت مشيئة مافيات أصحاب المولّدات؟!

 

وأي دولة، في هذا العالم كلّه، كانت على أبواب القرن الحادي والعشرين قبل حلوله بعقود، فعادت اليوم الى القرن التاسع عشر فإذا الناس لا يتحركون ولا يوظّفون، ولا يتقدمون في معارج الحياة إلاّ بأوامر وإرادة الزعامات والإقطاعيات، حتى ولو كان الإقطاعي موهوباً تفاهةً؟!

 

هل نكمل، واللائحة لا تزال في أوّلها؟!

 

اللهم… نجّنا من الأعظم!