IMLebanon

وطن على قياس الزعماء!

انقلبت صرخة «الهيئات الاقتصادية» من وقف للانتحار إلى الانتحار بذاته بحسب قاموس «التيار الحر»، بما أن الاقتصاد في لبنان بأفضل حال والنمو سجل 2.5٪ والأرقام المتداولة حول تراجع الزراعة والصناعة والسياحة، الكبيرة، مبالغ بها، دائماً حسب القاموس العوني… فالفدرالية على ما يبدو بدأت فعلياً، وبات التيار يعيش في بلد آخر، لا يعاني من بطالة شبابه وهجرة عائلاته بشكل غير مسبوق، أسواقه تسجل حركة بيع وشراء مزدهرة ونسبة الإشغال في فنادقه بلغت 90٪، ولم يعد موضوع رئاسة الجمهورية أولوية بما أن البلد «ماشي» بدونها، وتعطيل جلسات مجلس الوزراء، حتى تتم صفقة التعيينات، هي إنجاز سياسي بحد ذاته، أما جلسات مجلس النواب فهي في حكم المنسية أصلاً وغير واردة على جدول الأعمال، لا لتشريع الضرورة ولا من يحزنون.

إنه زمن المبادئ المقنّعة بالنفاق، وزمن المفاهيم المقلوبة رأساً على عقب، حيث الميكافيلية هي السائدة، والغاية الشخصية تبرر وسيلة الانتحار الجماعي.

وقد يكون النمو 2.5٪ قد تحقق فعلاً، إلا أن لبنان قادر على تحقيق 6٪ بعدما شهد في أيام أكثر استقراراً 9٪.. وبالتالي لا يكفي أن نكون أفضل من دول حوض المتوسط المنهارة اقتصادياً لأننا قادرون على تحقيق الأفضل في حال تأمّن الاستقرار الأمني وعادت مؤسسات الدولة إلى دورتها الطبيعية، وعادت مصداقية لبنان أمام المجتمع الدولي من ناحية استقبال رؤوس الأموال الخارجية وتأمين مجالات مناسبة لاستثمارها، أو من ناحية أخرى استعادة ثقة الدول المانحة والتي يعوّل لبنان عليها لاجتياز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة الناتجة عن النزوح السوري.

لم يعد السؤال: مَن على حق ومَن مخطئ، هل لبنان على شفير الهاوية الاقتصادية أم يتمتع بنسبة نمو لا بأس بها مقارنة مع دول الجوار، لأنه مهما كانت الإجابات، المواطن هو الذي يدفع أغلى الأثمان لهذا التجاذب العبثي والتعطيل المتمادي لمرافق الدولة ومؤسساتها حيث يعاني المزارع من أزمة التصدير، والتاجر غير قادر على تصريف بضائعه في ظل انخفاض قدرة المواطن الشرائية، وعجز الدولة عن تأمين الدعم من خلال سلسلة رتب ورواتب منطقية أو حتى خطة اقتصادية ناجحة للخروج من النفق الطويل! وبالتالي لم يعد التراشق بالتهم والمسؤوليات ينطلي على أحد لأن كل الأفرقاء يتحملون وزر الشلل الواقع والأزمات المتفاقمة الناتجة عنه، خاصة مَن يتمسّك بسياسة «أنا أو لا أحد» موحياً لشارعه بأن الوضع على خير ما يرام، بل يتحمل المزيد من الضغط ، لعله يحصل على المزيد من المكاسب… الشخصية!