بئس بلد تدور حياته السياسية بين 5 عناوين، هي اقل من بديهية في الدول – الدول، حيث تحترم الدول مؤسساتها ودساتيرها: أول العناوين، التحذير من “الفراغ الرئاسي” الذي يعني ضمنا ان هناك من يريده، من جهة، وان في الجهة الاخرى،”سذجاً” لا يفقهون أبعاده، ويريدونه لسوء فهم لديهم.
ثاني العناوين، آلية عمل الحكومة وتضارب الآراء، في ما إذا كانت ضرورية أم لا، وكأن في ذلك تسليما بأن العنوان الأول باق… باق… باق.
العنوان الثالث، هو الدور الاقليمي لميليشيا “حزب الله” في سوريا (والعراق واليمن والبحرين)، وهو ما يفيد ان كل سياسة الامر الواقع والترهيب التي مارسها الحزب، لم تُخرِج من التجاذب السياسي هذا الدور، بل أكدت كونه موضع رفض اللبنانيين، وليس عدم قبول.
العنوان الرابع هو مصير سلاح الحزب، الذي برغم دعوة قيادته خصومها لـ “يبلوا اعلان بعبدا ويشربوه”، فانه لم يمر لدى “14 آذار”، ولم يطوه النسيان، ولم يخرج من الاشتباك السياسي.
اما خامس العناوين فعن حوار “المستقبل” – الحزب، والعلاقة بالمراسلة بين الرابية ومعراب، وهو يشي بان فكرة الحوار وجها لوجه في الاول، وبالحمام الزاجل كالثاني، موضة تغزو الحياة السياسية، بلا ثقة بجدواها، والدليل “استفتاء السياسيين”، يوميا، في المقابلات الاعلامية، عما يتوقعون.
هذه العناوين الخمسة تختصر حال لبنان ومدى هامشيته في الاقليم. وتبدو كعملية سحر يلعبها ساحر محلي محدود الموهبة، تحديدا، لالهاء جمهور من الاطفال وتزجية وقتهم.
فشهرزاد “المستقبل”، تعرف ان “شهريار” الحزب لن يتغير، إلا اذا تغير وليه الايراني، وان ما ترويه له عن منافع تعزيز الدولة، واستعادتها دورها وسلطتها، وجيشها، لن تمتد ترجمته أبعد من حدود صالون نبيه بري، فالحقيقة في البيانات المقتضبة، غيرها في النتائج غير المرئية. فالحزب يهمه شهادة حسن سلوك في الداخل، ولو بامتحان “مدبر” بحيث لا يترك استحقاق ايران الاقليمي يتعثر، ومعه نفوذها المأمول في المنطقة، والذي تراهن عليه لتنتزع رتبة متعهد عند “المعلم الاميركي”. من هنا يجب فهم التمسك بترشيح عون. فهذه ليست مسألة “شرفية”، لا يمكن الحزب ان ينكث بها. فله في هذا المجال سجل حافل من حرب تموز 2006 الى 7 أيار 2008، الى استقالة الوزراء الشيعة في تشرين الثاني 2011. فالاصرار على عون هو اعلان انتصار ايراني تريده طهران وحزبها، والاخير حين يصر على استرضاء عون والتسليم له اليوم قبل الغد، يريد ان يقول للبنانيين، ليس ان يقبلوا بعون، بل ان يرضخوا لمشيئة طهران، إما برضاهم اليوم بالتسليم بـ”حقه” في الرئاسة، واما غداً رضوخا لحكم المتعهد الاقليمي.
ربما المشهد تبسيطي، لكن الوهم بالنصر وحده يبرره، ويجعل حال لبنان أمرا مؤجلا، معلقا على “البارومتر” الايراني.