Site icon IMLebanon

المغرّدون «ينعون» أمل خشفة.. وأمل بالأمان  

كلّا، لم ينفجر شريان قلب امل خشفة ليرديها قتيلة بثوان معدودة امام عينَي والدتها، كما ظن أبوها في البداية، لا بل هي رصاصة طائشة اطلقها احد المسلحين خلال مراسم تشييع في منطقة متاخمة، اخترقت ستارة شرفة منزل امل واستقرت بين قلبها ورئتها وخطفتها وهي جالسة تدخن ارغيلتها.

فعلاً، ماذا بقي للبنانيين ليقولوه بخصوص الرصاص العشوائي؟، يعددون اسماء الضحايا واحداً تلو الآخر، ويعددون اسماء المجرمين كذلك، ويتوجهون مباشرة للسلطات المعنية بوقف اعطاء رخص السلاح العشوائية، ويطالبون بعدم الرضوخ لاي ضغط سياسي او عشائري يحول دون توقيف المجرمين والاقتصاص منهم قانونياً، تلافياً لتكاثر وتكرار هذه الحوادث. ربما وجد عماد ابي عقل الحل السريع بانتظار تحرك المعنيين فكتب على حسابه على فايسبوك «رصاصة طائشة جديدة تقتل امل خشفة… الطاسة والدرع لازم يكونوا لباسنا اليومي الرسمي… ما تضهر من بيتك بلا طاسة ودرع»، هازئاً ربما من الدرْك الذي انحدرت اليه قيمة حياة المواطن الذي ما عاد يقوى على العيش بسلام وسط كل هذا الجنون.

لم يحتج حاملو السلاح غير الشرعي والمجرمون المحميون من جهات نافذة الى الكثير قبل السير على خطى بعضهم، فبات استعمال السلاح امرا شائعا و«بديهيا» في اكثر الاحيان، وبات الاستقواء على المواطنين العزّل سواء عن قصد او غير قصد عادة يومية عند اغلب اركان الجماعات والمافيات القابعة في مناطق امنية خارجة عن سلطة الدولة او حتى في غيرها من المناطق. في اشهر قليلة تدهور منسوب الامن والامان الاجتماعيين، وباتت الاحداث والجرائم المرتكبة مرادفة تماما لدولة اقرب الى غابة تحكمها «شريعة الغاب». يتزامن هذا النهج الاجرامي، كمقتل احد المواطنين برصاص طائش اطلق خلال تشييع مثلا او استعمال احد الشبان لسلاحه فيقتل عمدا كل من يظهر امامه بعد فورة غضب، مع تمادي بعض المجموعات المسلحة والمنظمة في مناطق ومجتمعات مشهود لها بخرقها للامن وسلطة الدولة، ولعل ابرزها اشكال برج البراجنة المسلح الذي لم يمض على وقوعه اسبوع واحد.

هذا التفلت الامني المستشري بات يصيب المواطنين بالهلع، والايام المقبلة بحسب الناشطين منهم على مواقع التواصل الاجتماعي لا تبدو مشرقة، بل ان الصورة السوداوية تبدو اوضح من اي وقت مضى، دائرة الفلتان الامني وتفلّت السلاح مستمرة في الدوران، قواعد اللعبة لا تتغير، واللاعبون كذلك، لا الضحية ولا الجاني، اما الثابت الوحيد فهو هيبة الدولة التي ينقص رصيدها مع كل جريمة، لتصبح اقرب الى قصة خيالية، «الفاجر آكل مال التاجر» فيها.

الصحافي ربيع فران وصف الامر بالجريمة المنظمة قائلا «لبنان بلد الجريمة المنظمة وغير المنظمة وشعب يقتات من الموت، امل خشفة رحلت بسلاح غير شرعي لقاتل انهكه الغل». فيما لفتت لينا الى ان الدولة لا تحمي المواطن «امل خليل خشفة توفيت بعد اصابتها برصاصة طائشة ادت الى وفاتها. الاوادم عم تدفع ثمن الفلتان الامني». وتمنى ايتان بودجي في تغريدة غاضبة «انشالله كل واحد بيحمل سلاح تيقوص بالهوا فرح كان او حزن، تطلع الرصاصة وترجع تستقر بقلبو». وسأل محمود الشامي بدوره عن سبب تهاون السلطات مع هذه الظاهرة «من المسؤول؟ بالامس سارة سليمان واليوم امل خشفة، شهيدتان بعمر الزهور تسقطان في اسبوع واحد بسبب الرصاص الطائش! بالامس في البقاع سقطت سارة اليوم في بيروت سقطت امل، بحجة مقاومة العدو الاسرائيلي يحملون السلاح. المعلومات تقول بان الرصاصة التي قتلت امل اتت من داخل مخيم صبرا. حدا بيتذكر متى اطلقت اخر رصاصة ضد اسرائيل من «مقاوم فلسطيني»؟ وايضا حدا بيتذكر متى اطلقت اخر رصاصة من «مقاوم لبناني»؟ السلاح اصبح حملا ثقيلا على الشعب اللبناني… اصبح فقط لقتل الابرياء وارهاب المسالمين. الدولة اللبنانية بكل مكوناتها السياسية والامنية تتحمل مسؤولية هدر ارواح الابرياء من الشعب اللبناني».

فيما اشار طارق ابو صالح الى ان هذا السلاح يضع جميع المواطنين في حالة من الخطر الدائم «اليوم الصبح في صبية اسمها امل خشفة كانت واقفة على برندتها بالطريق الجديدة فجأة ماتت. عم تتساءلوا شو الغريب او الجديد بالموضوع؟ امل ماتت برصاصة طايشة امل ماتت برصاص الزعران الفلتانين بالبلد.. اليوم امل يمكن بكرا اي واحد فينا يموت برصاصة من ورا #فلتان_السلاح». وتوجه فراس بو حاطوم الى رئيس الجمهورية طالبا منه السيطرة على هذا الفلتان الخطير «فخامتك اليوم في صبية جديدة سقطت نتيجة سلاح الزعران… امل خشفة… توفيت اليوم… بنتك ماتت يا بي الكل… للزعماء… على امل تشوفوا ولادكم شقف عالطرقات لتحسوا بالعالم». ووصفت زينة منصور جرائم السلاح المتفلت بالارهاب «لا امل في وطن تغدر فيه الشابة امل خشفة على شرفة منزلها. اوقفوا هذا الارهاب».

جهاد الملاح بدوره طالب السلطة الرسمية بتحمل مسؤولياتها «وهذه امل خشفة ضحية جديدة ايضا وايضا. ولن تكون الاخيرة. القول ان السلطة عاجزة امر غير صحيح، بل هو كذب وبهتان. انه الاهمال والرعونة، والتنصل والتكبر، واحتقار ارواح المواطنين. ففي استطاعة السلطة ان شعرت وأرادت فعل الكثير لكنها اختارت ان تعيش على ردات الفعل، تغض النظر عن الفلتان المعلن والصارخ وعن اطلاق الرصاص في المناسبات، فتسهل القتل، ثم تمشي في الجنازات».