من أجل لبنان المعطَّل المفرَّغ المشلول المهجور من أعزِّ الأهل والأصدقاء، ولمصلحة جميع اللبنانيّين، إصغوا جيّداً إلى الرئيس نبيه بري والرئيس تمّام سلام. وانتبهوا إلى كلام صريح وعميق في أبعاده، يُعلن للملأ أن سبل الخلاص والخروج من النفق المظلم تتطلَّب من الجميع الاقتناع أن لا طمأنينة، ولا حلّ، ولا انفراج إلاّ بتوجيه كل الجهود إلى انتخاب رئيس الجمهوريَّة.
من هنا نبدأ.
منذ سنتين، والكلام السياسي والاجتماعي والوطني والاقتصادي والمصيري يدور في هذا الفلك. ولكن مرّت السنة الأولى، فالثانية، ودخلنا في الثالثة، فيما لم يتغيَّر حرفٌ ممّا كان، ولم يبدِ معرقل معطِّل أيَّ استعداد للمساهمة في تغيير هذا الوضع الذي لا يختلف عن القنبلة الموقوتة.
من حظ لبنان واللبنانيّين، عن بكرة أبيهم، أنَّ حكيم عين التينة نبيه برّي وعاقل السرايا الحكومية تمّام سلام هما المسؤولان الصامدان في هذه المرحلة الحرجة، يحاولان بكثير من الانتباه والواقعية والتروّي تجنيب البلد كأس التجربة المرَّة مرَّة أخرى.
والرئيس برّي صارح اللبنانيّين في معرض مصارحته العرب أننا بدأنا نرى أملاً مضيئاً في آخر النفق. نسأل الله ألاّ يكون سراباً يحسبه العطشان ماءً.
إنّما المسألة ليست كلّها هنا. فأَهمُّ ما يمكن إنجازه الآن توصُّل الأطراف المعنيّين إلى ملء الفراغ الدستوري بانتخاب رئيس للجمهوريّة.
فلبنان ليس كما يظن بعض الجَهَلة من متزعّميه ومستغلِّيه، بل هو ضرورة عربية، وضرورة دوليَّة، عُبِّرَ عنها بتزايد الاهتمام الدولي، وزيارات كبار المسؤولين. ومن شتى الأرجاء والبلدان. حتى الدول النائية التي لم يسبق لها أن أبدت أيّ اهتمام بلبنان، نجدها اليوم تتوافد إلى الربوع مبدية رغبتها واستعدادها لكل مساعدة…
في السياق ذاته، وفي التوقيت عينه أيضاً، وجد الرئيس سلام أن من الضروري لفت المتلهّين بالتفاصيل إلى “أولوية التركيز على انتخاب رأس الدولة. فهو الهمّ والأهمّ. وهكذا يجب أن يكون بالنسبة إلى الأطراف المسيحيّين”.
فيا ليتهم يشدّون العصب، ويشدّون الهمم لانجاز الاستحقاق الرئاسي الأَبدى، والأكثر أهميّة والحاحاً بالنسبة إلى جميع اللبنانيّين. أو هكذا يجب أن يكون.
في رأي سلام أن المسيحيّين لا يخطئون إذا جعلوا هدفهم في هذه الفترة تصحيح الخلل، على مستوى التوازن السياسي، عوض التلهّي في أمور ما كانت لتكون لولا الفراغ الرئاسي.
لديَّ حلم اليوم، أن يهبَّ كل اللبنانيّين، متعاونين لاخراج لبنان من المأزق المصيري. فهل يتحقّق الحلم؟