سيناريو الحرب المرعبة في الشرق الأوسط التي تدغدغ مخيّلة الرئيس الأميركي ترامب وقادة اسرائيل، قد يبقى مجرد رقاقات الكترونية في بطون أجهزة الكومبيوتر السرية الى أجل غير معروف. والرئيس ترامب يحكم أميركا منذ شهر وبضعة أيام بمزاجه الشخصي ونصائح الحلقة الضيّقة من المحيطين به. والدراسات التي أجريت على شخصية السيد الجديد في البيت الأبيض تتلخص معالمها بثلاث كلمات: مغامر ولكنه ساذج! والولايات المتحدة ليست جمهورية من جمهوريات الموز، وهي محكومة بضوابط – كما كانت دائما – بحيث ان قرار الحرب هو أخطر من أن يترك للرئيس وحده! ومزاجية ترامب قد تستمر في مرحلة المائة يوم الأولى، وبعدها سيكون لكل حادث حديث.
مجرد التفكير بسيناريو انشاء حلف ناتو عربي يتولى خوض حرب ضد ايران، هو سيناريو يعكس بعض صفات الرئيس ترامب من حيث أنه سيناريو مغامر وساذج في آن! ويحتاج التنفيذ في المنطقة العربية الى قيادات تشارك ترامب بنزعة المغامرة والسذاجة، وهي غير موجودة الآن. وكانت ممكنة فقط مع رئيس مثل صدام حسين الذي كان مغامرا بطبيعته، وثبت لاحقا انه كان ساذجا عندما صدّق الوعود الأميركية بأن الحرب العراقية ضد النظام الناشئ في طهران، لن تطول أكثر من عدة أسابيع، ولكنها استمرت ثماني سنوات!
الدول العربية الأربع التي يفكر بها ترامب لتكون نواة الناتو العربي هي: مصر والسعودية والامارات والأردن. ومصر الرازحة تحت أثقال كبيرة، والتي لم تشارك في حرب اليمن الحالية إلاّ على الخفيف وبمقدار تحمّلها، هل ستكون جاهزة لحرب ضد دولة اقليمية مثل ايران؟ وفي السعودية والامارات من الحكمة ما يساعد على اتخاذ القرار الصحيح، وحرب اليمن الراهنة نموذجا. أما الأردن فقراره – على هذا المستوى المصيري – يرتبط عضويا بقرار الأشقاء الثلاثة. وليس في الأفق ما يشير الى قدره الولايات المتحدة على فرض ارادتها في هذه الحالة، مهما قدمت من اغراءات، أو مارست من ضغوط، منفردة أو بالشراكة مع اسرائيل…
ثم من السذاجة الاعتقاد بنشوب حرب ضد ايران وتبقى أميركا واسرائيل خارجها كما ترغبان أو تتصوران. ذلك ان الرد الايراني الأولي على العدوان قد لا يكون في الاتجاه العربي، وانما في اتجاه اسرائيل والقواعد العسكرية الأميركية في المنطقة. وهذه الحرب ستجتذب سوريا اليها سريعا في اتجاه اسرائيل. واذا كان الرئيس الراحل حافظ الأسد تحاشى الحرب فلأنه يريد المحافظة على العمران والحياة في سوريا، فعلى اي عمران سيحافظ الرئيس بشار اليوم؟ وهذا يعني ان الحرب ستتحوّل الى خبيصة جهنمية يقاتل فيها الكل ضد الكل!
النواة الصلبة من الجنرالات الموزونين بدأت تتشكّل في ادارة ترامب، وستحلّ سريعا محلّ الحلقة الضيّقة حوله من العائلة والندماء… وبعد المائة يوم الأولى، سيكون لمثل تلك الحرب، حديث آخر!