Site icon IMLebanon

المستشفيات عاجزة عن الاستمرار في هذا الوضع

 

قد تدفع المعضلة التي يعاني منها القطاع الصحي الى انهياره بالكامل، في حال عدم توصل الدولة والجهات الضامنة الى حلّ في أسرع وقت ممكن، لتغطية الخسائر التي تتحمّلها المستشفيات وتُحمّلها بدورها للمرضى، وإلّا سيُحرم المواطن في المستقبل القريب من حقّه في الطبابة والاستشفاء، ولن يجد من هو مستعدّ وقادر على تسديد كلفة طبابته، أي مستشفى صامد لمعالجته.

بين دولار السوق الذي يلامس عتبة الـ10 آلاف ليرة ودولار الادوية المدعوم على الـ1500، ودولار المستلزمات الطبية المدعوم على الـ3900، ودولار بعض الاجهزة الطبية المطلوب نقداً، تجد المستشفيات نفسها في «ورطة» كبيرة على حدّ تعبير نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون، الذي أكّد لـ»الجمهورية»، انّ الوضع خطير، ولا يوجد حلّ في الأفق في ظلّ عدم قدرة المستشفيات على الاستمرار في تحمّل الخسائر لفترة أطول، وفي ظلّ عدم قدرة الدولة على رفع كلفة طبابة المواطنين، بالإضافة الى انعدام قدرة المواطن على تغطية فوارق الاسعار في فواتير الاستشفاء.

 

وأوضح في هذا الإطار، انّ بعض المستشفيات بدأ منذ فترة تقاضي 60 في المئة من فواتير المضمونين لدى شركات التأمين الخاصة عبر الشيكات المصرفية بالدولار، و40 في المئة بالليرة اللبنانية. مشيراً الى انّ البعض الآخر من المستشفيات عمد الى رفع الاسعار وتحويلها الى الليرة اللبنانية، مؤكّداً انّ تعاطي المستشفيات مع شركات التأمين الخاصة لا يعتمد على نظام موحّد، فهو يختلف بين مستشفى وآخر، «ولكن في النتيجة ستقوم كافة المستشفيات برفع أسعارها، لأنّها لم تعد قادرة على تحمّل فارق الاسعار وتكبّد المزيد من الخسائر».

 

وشرح هارون، انّ تعديل الاسعار من قِبل المستشفيات ينطبق حالياً على مرضى شركات التأمين الخاصة فقط وليس على مرضى الجهات الضامنة الاخرى، «إلّا أنني أرسلت كتباً منذ حوالى الشهر الى كافة الجهات الضامنة للمطالبة بتصحيح الاسعار على اساس سعر صرف المنصّة عند 3900 ليرة مقابل الدولار، ولكن لم نحصل على جواب لغاية اليوم». واعتبر هارون «اننا في ورطة كبيرة» لا يوجد لها حلّ في الوقت الحالي، «حيث تؤكّد الجهات الضامنة عدم توفّر الاموال لتغطية كلفة رفع الاسعار، في حين انّ المستشفيات لم تعد قادرة على تحمّل تلك الخسائر، ومن المؤكّد انّ المريض لا يمكنه تحمّل كلفة الفروقات في الاسعار، ناهيك عن امكانية توقف الدعم في أي وقت».

 

ولفت الى انّ المستشفيات تطالب بتعديل اسعار الجهات الضامنة على سعر صرف الـ3900 ليرة، كونها ما زالت تسدّد الاجور بالليرة اللبنانية. كما انّ الادوية ما زالت لغاية اليوم مدعومة وفقاً لسعر الصرف الرسمي، إلّا انّ اغلبية المستلزمات الاخرى غير المدعومة باتت تُسدّد على سعر صرف الدولار في السوق السوداء عند 9700 ليرة ونقداً، كاشفاً انّ بعض التجار يفرض على المستشفيات تسديد فواتير بعض المستلزمات المدعومة على سعر السوق السوداء لأنّ مصرف لبنان لا يقوم بتغطية فواتيرهم.

 

وأشار الى انّ جزءاً من المستلزمات الطبية يتمّ تسديده بنسبة 85 في المئة على سعر الصرف المدعوم، و15 في المئة على السعر غير المدعوم. في حين انّ جزءاً آخر من المستلزمات، يقول التجار انّها غير مدعومة، يتمّ تسديد فواتيرها على سعر السوق، على غرار أدوية التعقيم والقفازات، التي كان سعر العبوة منها يبلغ 10 آلاف ليرة واصبح اليوم 90 ألف ليرة.

 

وكشف هارون في هذا السياق، عن عدم قدرة المستشفيات بعد اليوم على تحمّل الخسائر الناتجة من غسيل الكلي، شارحاً انّ تسعيرة جلسة غسيل الكلي تبلغ 154 ألف ليرة، أي ما كان يعادل في السابق حوالى 100 دولار، واصبح اليوم يعادل 16 دولاراً، موضحاً انّ المستشفيات تتحمّل منذ عام خسارة مباشرة تبلغ 80 ألف ليرة عن كلّ جلسة غسيل كلي «وسبق ان نبّهنا الجهات الضامنة مراراً الى هذا الموضوع، ولم يتمّ تعديل التعرفة». وأعطى هارون مهلة أسبوع لحلّ هذا الموضوع، وإلّا ستضطر المستشفيات الى تحميل المريض كلفة هذه الخسارة «ومن يريد المزايدة علينا من الناحية الانسانية، فليتفضّل بدفع الفارق في الاسعار، لأننا لم نعد قادرين على تحمّله!».

 

وفيما اكّد هارون انّ المستشفيات لا يمكن ان تستمرّ على هذا النحو، اشار الى «انّه في بعض الحالات تقوم المستشفيات بتحميل المريض الفروقات في الاسعار، في حين تمتنع في حالات أخرى عن تقديم خدمات طبية عدّة، بسبب ضخامة الفروقات في الاسعار، والتي لا يمكن تحميلها للمريض. على سبيل المثال، عمليات العضم والفكّ وغيرها. وشرح انّ بعض التجار يشترطون على المستشفيات تسديد الفواتير نقداً بالدولار، ما يجعل الاخيرة غير قادرة في بعض الحالات على تقاضي الشيكات المصرفية من المرضى، علماً انّ اموال هؤلاء محتجزة في المصارف ولا قدرة لهم على تأمين السيولة النقدية.

 

ولفت في هذا الاطار، الى انّ الطلب على الاستشفاء تراجع في الفترة الاخيرة بسبب الكورونا، «وهذا ما ساعدنا في الصمود. ولو كان الطلب طبيعياً كالسابق، لكانت معظم المستشفيات قد عجزت عن الاستمرار وأقفلت أبوابها».