إن استدراج الرئيس سعد الحريري الى السعودية واحتجازه بعد إجباره على قراءة نص بيان، أعده السعوديون مسبقاً، يعلن فيه استقالته وأموراً أخرى لا تعبر عن مواقف الرئيس الحريري ولا تمت الى أسلوبه في التعبير ! عملية قرصنة دولية، وصفها رئيس الجمهورية اللبنانية بدقة في تصريحه أمام المجلس الوطني للإعلام وجاء فيه : ان سلوك السعودية تجاه لبنان هو عمل عدائي ضد لبنان. بالاضافة الى انه انتهاك لاتفاقية فيينا لحقوق الانسان.
هذا يسمح لنا بإبداء ملاحظتين :
1- إن تصرف السعوديين تجاه لبنان في قضية الرئيس سعد الحريري، ليس في إطار دولة تحـتكم الى مؤسسات دستورية وتحترم الأعراف الديبلوماسية المتوافق عليها بين الدول، وانما هو اقرب الى جماعات الارهاب الإسلامي، من فصيلة تنظيم القاعدة وداعش، هذه الجماعات التي تعيث في بلداننا فساداً …
ولا شك في هذا السياق، ان السعوديين ما كانوا ليقدموا على هذه العربدة، وعلى إشعال الحروب في سورية والعراق واليمن، لولا تواطؤ تحالف دول غربية معهم تحت قيادة الولايات المتحدة الاميركية .. بكلام آخر ان هذه الدول الغربية هي مصدر السلاح الذي يملأ ترسانة العصابات السعوديّة!!
وفي نفس السياق، ما كانت هذه العصابات لتتـجرأ، على احتجاز رئيس حكومة لبنان وعائلته، دون ان يثير ذلك عاصفة احتجاج دولـية، لولا تغـطية الدول الغربية لهم وفي طليعتها الولايات المتحدة الاميركية . وليس مستبعداً على الإطلاق، استناداً الى التطورات الأخيرة التي وقعت في السعودية، والحديث عن انقلاب في داخل العائلة السعوديّة، ان يكون هذا كله عملية سطو عـلى الممـلكة من جانب الرئيس الأميركي وعائلته وولي عهد السعودية محمد بن سلمان وجماعته… عملية سطو على الممتلكات والثروات وليس بالضرورة سياسية ..
2- بالعودة الى قضية الرئيس سعد الحريري، اقول وبصرف النظر عن المواقف السياسية وعن السيرورة المشبوهة التي أدت الى ظهور الحريرية السياسية في لبنان من صلب الدور الذي رسم، في إطار «صراع الحضارات» للسعوديين في بلدان العـرب وبواسطة اموالهم الريعية، اغلب الظن ان الشيخ سعد الحريري وثق بالسعوديين واغتبط بالتسوية التي توافق عليها اصحاب النفوذ في لبنان من اجل الخروج من مأزق الفراغ الدستوري الذي طال اكثر من سنتين، فكان عازماً كما توحي بذلك إجاباته أثناء المقابلة التي سمح له بإجرائها مع صحافية لبنانية (الزميلة بولا يعقوبيان) في العاصمة السعودية، من مكان إقامته الجبرية، على العمل بحسب الصلاحيات الممنوحة له كرئيس للوزراء، في السياسة اللبنانية، يبدو انه غاب عن باله ان لبنان الذي اشترته السعودية من خلال اتفاق الطائف، بموجب صفقة مع مسؤولين سوريين، آنذاك ( 1989)، صار بنظر السعوديين، بعد إخراج السوريين من اللعبة …(إغتيال الرئيس رفيق الحريري .. الربيع العربي ) محمية لهم !
مجمل القول ان الرئيس سعد الحريري، خدع بعدم مصداقية السعوديين، الذين نكثوا بعهودهم جميعها في الداخل السعودي وفي لبنان بعد دخول ترامب وعائلته شركاء معهم في بلادهم نفسها، وعلى الارجح ان الملكين الجديدين ترامب ومحمد بن سلمان قررا إسقاط التسوية في لبنان، فتوافقا على اختطاف السيد سعد الحريرى واغتياله سياسياً بدل إغتياله في لبنان !
يحسن التذكير بالمناسبة بان المستعمرين الاسرائيليين اغتالوا اسحق رابين لان الأخير اقتنع على الارجح كمثل الرئيس ياسر عرفات بمصداقية المستعمرين الاسرائيليين عندما وقعوا على اتفاقية أوسلو!!
سمي ذلك كما تشاء سذاجة، غباء .. ولكنه بالقطع جهل بطبيعة المستعمر ..