كأنه لا يكفي العالم العربي ما يعيشه من حروب اهلية مدمرة ومن خيبة ويأس بعدما تحول الأمل في التغيير الديموقراطي الذي حمله الربيع العربي كابوساً من الدم والفوضى والتعصب الاعمى والعنف اللامتناهي. اتت حرب اليمن كي تؤجج الصراع الدائر منذ فترة بين محور الدول السنية وإيران، وتفاقم في حملات التشكيك والاتهامات بالعمالة مع إسرائيل.
منذ بدء العملية العسكرية لتحالف “عاصفة الحزم” ضد انقلاب الحوثيين على الحكم في اليمن، برزت اتهامات لهذا التحالف بالتعاون مع إسرائيل وانه يشكل جزءاً لا يتجزأ من محور إسرائيلي – أميركي يحارب في اليمن، وذلك من خلال عملية الخلط المتعمد بين عداء الدول السنية العربية لتمدد نفوذ إيران والعداء الإسرائيلي لإيران.
لكن العداء العربي لإيران لا يعني التقرب من إسرائيل. قد يبدو ظاهراً ان ثمة تلاقياً في المصالح بين الطرفين في معارضتهما لحصول إيران على سلاح نووي، ووقوفهما ضد الدعم الإيراني للتنظيمات المسلحة مثل “حزب الله” في لبنان، و”حماس” في غزة، و”الحوثيين ” في اليمن. ولكن طوال السنوات الأخيرة لم يبرز، ولا في أي فترة من الفترات، تقارب فعلي سري أو علني بين هذه الدول وإسرائيل. فمنذ 2009 رفض بنيامين نتنياهو الاقتراحات الإسرائيلية التي كانت تشجع على انشاء محورللتعاون مع الدول السنية لأنه كان يدرك انه سيكون مضطراً الى القبول بالمبادرة العربية للسلام التي طرحتها السعودية عام 2002 لحل النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي.
يستغل اصحاب الهجوم على التحالف في اليمن تصريحات نتنياهو العلنية عن اليمن للتدليل على التواطؤ العربي مع إسرائيل، ويحرفون كلام نتنياهو كي يجعلوه يتلاءم مع خطابهم التشكيكي. وهم لا يريدون ان يروا المخاوف الإسرائيلية من التحالف الجديد الذي يعكس للمرة الاولى منذ سنوات طويلة نوعاً من الموقف الموحد ومن الارادة المشتركة اللذين يشكلان ايضاً خطراً على إسرائيل التي تفضل التشرذم العربي على أي تعاون مشترك فكيف اذا كان عسكرياً. وفي رأي عدد من معلقيها السياسيين ان ما يجري هو اختبار حقيقي لقدرة دول التحالف على الامساك بزمام الامور في المنطقة بعدما تخلت الولايات المتحدة عن دورها وفوّضت الى إيران محاربة “الدولة الإسلامية” في العراق، وتحولت إسرائيل لاعباً هامشياً في الاضطرابات التي تهز الشرق الأوسط.
في نظر إسرائيل إن نجاح التحالف الجديد سيف ذو حدين، فاذا استطاع تحجيم إيران وطرح نفسه زعامة جديدة للعالم العربي، فإن أول من يجب أن يقلق هو إسرائيل.