IMLebanon

قمة سلام ساخن: رهانات ومخاوف كثيرة

 

الرئيس دونالد ترامب ينتقل من قمة البحث في الخطر الروسي الى قمة البحث عن اتفاق مع روسيا. وبين القمتين محطة في لندن قام خلالها باحراج مزدوج لرئيسة الوزراء تيريزا ماي المحرجة شعبيا بدعوته واستقباله في بلد العلاقة الخاصة مع اميركا: امتداح وزير الخارجية المستقيل بوريس جونسون، والتهديد بالامتناع عن عقد اتفاق تجاري بين اميركا وبريطانيا اذا عقدت ماي اتفاقا على اقامة منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الاوروبي بعد تنفيذ البريكسيت.

في قمة بروكسيل تمكن ترامب من دفع شركائه في الحلف الاطلسي الى زيادة الانفاق العسكري حتى مستوى ٢% من الناتج القومي بأسرع من الوقت المحدد في الالتزامات السابقة، ما جعله يقول ان الحلف قوي جدا جدا واميركا لن تخرج منه. وهذه من أوراق القوة، لا أحد يعرف ان كانت تخدمه في قمة هلسنكي أم تزيد في سلبية الموقف الروسي الغاضب من توسع الحلف الاطلسي وتقويته. لكن الواضح ان ترامب يذهب الى القمة الرسمية الاولى مع الرئيس فلاديمير بوتين من دون سياسة متكاملة، وسط خلاف داخل الادارة وفي الكونغرس حول التفاوض مع موسكو.

وما أكثر الخائفين في المنطقة والعالم من اميركا التي يديرها ترامب. والأكثر منهم هم الخائفون داخل اميركا وفي العالم على اميركا والعالم من تنازلات ترامب. والمراهنون على صفقة روسية – اميركية تبدأ باوكرانيا وسوريا والنفوذ الايراني وتنتهي بادارة النظام العالمي واعادة هيكلة النظام الاقليمي، ليسوا قلة.

لكن التفاهم الكبير صعب جدا لأسباب روسية واميركية. فالمتشددون في اميركا يطالبون بما يعاكس عقلية ترامب: استراتيجية عظمى لمواجهة بوتين. وهي استراتيجية رسم خطوطها العامة في مقال نشرته الفورين افيرز السفير الاميركي السابق في روسيا مايكل ماكغول. منطلق الاستراتيجية ان المرحلة الحالية ليست نسخة جديدة من صراع الجبارين بل نقلة من حرب باردة الى سلام ساخن وأساسها تفاهم الحزبين الجمهوري والديمقراطي على استراتيجية لاحتواء نفوذ الكرملين الاقتصادي والعسكري والسياسي ضمن مواجهة طويلة وصعبة مع بوتين ونظامه من دون اغلاق الباب على العمل مع الكرملين حيث الضرورة.

وما يريده بوتين ليس فقط الشراكة مع اميركا بل ايضا تفكيك الغرب المنحط الذي أذل روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وهو لا يثق بأميركا ولا يرى بدا من تقوية الوطنية الروسية واستخدام القوة مباشرة.

لكن ترامب يحاول كالعادة تبسيط الامور المعقدة التي لا يحب التفكير فيها ولا القراءة عنها. والصورة عنده هي ان بوتين ليس عدوي ولا صديقي بل منافس يمكن ان يصبح صديقا.